وذكر القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين الفراء - في المعتمد - أنه لا يجب. وإذا لم يجب الإنكار ففعله أفضل من تركه، قاله ابن عقيل. وقال القاضي - خلافًا لأكثرهم في قولهم - ذلك قبيح ومكروه إلا في موضعين: أحدهما، كلمة حق عند سلطان جائر، والثاني: إظهار الإيمان عند ظهور كلمة الكفر. انتهى.
(ولا يسقط فرضه - أيضًا - بالتوهم؛ لأنه لو قيل له: لا تأمر فلانًا بالمعروف فإنه يقتلك. لم يسقط عنه لذلك، وحكى القاضي عياض عن بعضهم وجوب الإنكار مطلقًا في هذه الحال وفي غيرها).
وحكي عن ابن العربي المالكي - رحمه الله - أنه قال: إن رجا زوال المنكر وخاف على نفسه من تغييره الضرب أو القتل جاز له الاقتحام عند أكثر العلماء.
وسيأتي في الإنكار على السلطان - في الباب الثاني - من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا:(لا يحقرن أحدكم نفسه أن يرى أمرًا لله - عزَّ وجلَّ - فيه مقال أن يقوله، فيقول الله - عزَّ وجلَّ -: ما منعك أن تقول فيه. فيقول: يا رب خشيت الناس فيقول: أنا أحق أن تخشى).
وله طرق هنالك عديدة.
قال الشيخ عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام: ومن قدر على إنكار المعاصي مع الخوف على نفسه كان إنكارها مندوبًا إليه ومحثوثًا عليه، لأن المخاطرة بالنفوس في إعزاز الدين مأمور بها كما يتعزز بها في قتال المشركين، وقتال البغاة المتأولين، وقتال ما نهى الحقوق بحيث لا يمكن تحصيلها منهم إلا بالقتال.
وسيأتي في الباب الثاني - من حديث طارق بن شهاب أن رجلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أيُّ الجهاد أفضل؟ قال: كلمة حقٍ عند سلطانٍ جائر). فجعلها - صلى الله عليه وسلم - أفضل الجهاد؛