وسأله غير واحد عن جائزة السلطان فقال لا تأخذها فقال أنت تقبلها فقال أتريد أن تبوء بإثمي وإثمك.
وقال لآخر أجئت تبكتني بذنوبي.
وقال محمد بن سلمة دخل مالك على المهدي فقال له أوصني.
فقال أوصيك بتقوى الله وحده والعطف على أهل بلد رسول الله ﷺ وجيرانه فإنه بلغنا أن رسول الله ﷺ قال المدينة مهاجري وبها قبري وبها بعثتي وأهلها وجيراني وحقيق على أمتي حفظي في جيراني فمن أحفظهم كنت له شهيدًا أو شفيعًا يوم القيامة ومن لم يحفظ وصيتي في جيراني سقاه الله من طينة الخبال.
فأخرج المهدي عطاءًا كثيرًا وطاف بنفسه على دور المدينة فلما أراد الخروج دخل عليه مالك فقال له يا مالك أما أني محتفظ بوصيتك التي حدثتني بها ولئن سلمت لا غفلت عنهم.
وقال أبو مصعب قال لي مالك دخلت على المهدي فذكر له أن النبي ﷺ قال أمرت بقرية تأكل القرى يقولون يثرب وهي المدينة تنقي الناس كما ينقي الكير خبث الحديد.
فأخذ المهدي زئيرة من فراشه وقال والله لا واسيتهم ولو بهذه.
قال مالك ثم دخلت على هارون فسألني عن أهل المدينة فحدثته بأحاديث المهدي فقال لي: ما قال المهدي؟ فأعلمته بما كان فقال أنا ابن أبي هارون الزهري سمعت مالكًا يقول: لما قدم هارون كنت ممن لقيته فقلت يا أمير المؤمنين إن لأهل
المدينة حقًا فاستوص بهم خيرًا.
فقال وما حقهم؟ فقلت هل تعلم أنه يعرف على وجه الأرض قبر نبي غير نبيك محمد ﷺ؟ قال لا.
قلت فلو أن أهل المدينة خرجوا عنها وجب عليك أن تجيء بمن يسكنها ويجاوز قبره، وتجري عليه الرزق؟ فقال لي لو لم أملك