للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسجد، فإنه لن يزال في المسجد مصلٍّ، وكان هذا بمشهد من الصحابة، ولم يظهر خلافه، فكان إجماعًا (١).

وجه الدلالة: أن عمر - رضي الله عنه - أمر بتوسعة بيت مال المسلمين بجزء من المسجد، وهو قبلته، ولم يزل المسجد كاملًا؛ لوجود بقية من المصلين فيه، وعمله هذا يدل على بقاء الوقف لله عز وجل، حتى في حالة صيرورته إلى غير مالك.

٣ - أن المسجد له صفة الأبدية، فلا تنسلخ عنه صفة المسجدية إلى قيام الساعة (٢).

٤ - لأنه عمومًا ما كان الملك فيه لحق الله تعالى لا يعود إلى الملك بالاختلال (٣).

٥ - لأن الحبس (الوقف) لا يخرج إلى غير مالك، بل إلى أجلِّ المالكين؛ وهو الله تعالى؛ كالعتق؛ أي له صفة الدوام (٤).

٦ - لأن انتقال الوقف الذي تخرب إلى وقف آخر استبقاء للوقف بمعناه عند تعذُّر إبقائه بصورته (٥).

٧ - قال ابن عقيل: "الوقف مؤبد؛ فإذا لم يمكن تأبيده على وجه يخصصه استبقاء الغرض، وهو الانتفاع على الدوام في عين أخرى، وإيصال الأبدال جرى مجرى الأعيان، وجمودها على العين مع تعطلها تضييع للغرض" (٦).

٨ - القياس على الهدي إذا عطب في السفر؛ فإنه يذبح في الحال، وإن كان يختص بموضع، فلما تعذر تحصيل الغرض بالكلية استوفي منه ما أمكن، وترك مراعاة


(١) انظر: المغني، ابن قدامة، ٦/ ٢٩.
(٢) انظر: حاشية ابن عابدين، ابن عابدين، ٤/ ٣٥٨ - ٣٥٩، وبدائع الصنائع، الكاساني، ٦/ ٢٢٠.
(٣) انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي، ٤/ ٩٠٩١، والفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني، النفراوي، ٢/ ٢٣٠.
(٤) انظر: شرائع الإسلام، الحلي، ٢/ ٢٢٠.
(٥) انظر: المغني، ابن قدامة، ٦/ ٢٩.
(٦) انظر: المرجع السابق، ٦/ ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>