انتشارا سريعا، يحمل معه طابع السرعة في كل شيء؛ وفي السرعة من الأخطار والأخطاء الشيء الكثير. انتشرت هذه الحياة، وانتشر معها الأفكار المختلفة، والمبادئ المتباينة، ترد من الشرق والغرب، وتحمل الناس على نبذ دينهم، والسير في ركابها.
تحملها الجرائد والمجلات في صفحاتها، والإذاعات على أمواج الأثير، في أثواب مختلفة تخدع العيون، وتميت القلوب؛ ففتن بها الشباب، وارتاع منها الشيوخ وبهتوا، وجعلت مبادئ الشر تلوح من كل جانب.
وأقبل المتعلمون من أبناء الأمة الإسلامية على اعتناق هذه الأفكار، والدعوة لها، لجهلهم بالدين وتعاليمه؛ يساعد على ذلك واقع المسلمين، وما هم عليه. وقليل منهم وقف منها موقف الناقد الممحص، المدقق، ليسبر غورها، ويطلع على ما تنطوي عليه، وتنتهي إليه من شرور وفساد في الأخلاق، والعقائد والعادات والتقاليد.
فأفضى بهم موقفهم هذا إلى نتائج أفزعتهم، وأقضت مضاجعهم، وأقلقت بالهم؛ وجعلوا يرسمون الخطط، ويخطون السبل لصد هذا السيل الجارف، وحماية أمتهم وملتهم من ويله ووباله.
وكانت الجزيرة العربية مصدر النور والإشعاع، ومهبط الوحي والفلاح، منها انتشر الإسلام في ابتداء رسالته، كما كانت منار هدى عند اندراس ملته، فمن قِبَلها