الفائدة الثالثة: تواضع النبي ﷺ وهذا يظهر في قول أنس - ﵁(وَالنَّبِيُّ ﷺ مُتَّكِئٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ)، أي جالس بينهم، وبين ظهرانيهم أي أنهم محيطون به، فلم يكن النبي ﷺ جالسًا على سرير فوقهم، ولم يكن جالسًا كذلك في طرف بعيدًا عنهم.
الفائدة الرابعة: حب الصحابة للنبي ﷺ ويدل على ذلك إحاطتهم به ﷺ في مجلسه.
الفائدة الخامسة: استدل البعض بهذا الحديث على جواز إناخة البعير في المسجد، وقالوا هذا يدل على طهارة بوله، وذلك يظهر في قول أنس -﵁:(بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي المَسْجِدِ، دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ، فَأَنَاخَهُ فِي المَسْجِدِ ثُمَّ عَقَلَهُ)، لكن وردت للحديث رواية أخرى جاءت عند أحمد وأبي داود وغيرهما من حديث ابن عباس -﵁ قَالَ:(بَعَثَتْ بَنُو سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ ضِمَامَ بْنَ ثَعْلَبَةَ إِلَى رَسُولِ الله ﷺ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ، فَأَنَاخَ بَعِيرَهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ عَقَلَهُ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، قَالَ: فَقَالَ: أَيُّكُمُ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ: يَا ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ) وَسَاقَ الْحَدِيثَ، ولكنه لما كان على باب المسجد أو بفنائه قال الصحابي: في المسجد بحكم المجاورة، فهو مجاور للمسجد، وليس داخل المسجد.
ولذلك ليس في هذا استدلال على جواز إدخال البعير المسجد أو طهارة بوله، وإن ثبتت طهارته من أدلة أخرى.
الفائدة السادسة: إنَّ حسن المسألة نصف العلم، ولذلك كان مجيء الأعراب للنبي ﷺ وسؤالهم له كان أمرًا مهمًّا للصحابة - ﵁؛ لأنه لما نزل النهي في القرآن عن سؤال النبي ﷺ التزم الصحابة ﵃ بذلك، فقالوا: كان يعجبنا أن يجئ الرجل العاقل من أهل البادية يسأله ونحن نسمع، كما ورد عند النسائي وغيره عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: (نُهِينَا فِي القُرْآنِ أَنْ نَسْأَلَ النَّبيَّ ﷺ عَنْ شَيْءٍ، فَكَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ