للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أما بعد، قسم الله لك من الخير أكمله قسماً، وأوفره نصيباً، وزادك من آلائه، وأوتر عليك من نعمائه، فإنك أشرت إلي فيما جرى في مجلس شيخنا أبي محمد يعني ابن حزم - أدام الله توفيقه - من مسألة «الموازنة وتقسيم طباق أهلها»، ورغبت أن أقيدها لك بدقتها، وأثبتها بحقائقها وكثرة أقسامها، لنبو أكثر الأفهام عنها، دون تغيير، ولا إثبات.

وأنا إن شاء الله - واقف عندما أشرت به، وآخذ فيما رغبت فيه، مستوعباً لكل ما توجبه القسمة، وتقتضيه الرتبة: مما تنتج لي، وظهر إلي بعد حسبما أفهمنيه الله تعالى، وأقدرني عليه، وإن كان أصله ما نبه عليه شيخنا أبو محمد -أعزه الله- في ذلك المجلس، فلا غرو، فالكلمة الواحدة تقتضي معاني كثيرة، والجنس المفرد: يعم أنواعاً عظيمة، والأصل الواحد ينتج فروعاً جمة، وستقف - في كل ذلك على البرهان فيه على نحو ما التزمناه: عقداً، وقولاً، والله -تعالى- الحمد: بدءاً، وعوداً وبه ﷿ نستعين لا إله إلا هو. ا. هـ.

وهذا حين نأخذ في سبيل ذلك، ونبين حقيقة مذهبنا فيه، وظهور برهاننا له -إن شاء الله- فنقول -وبالله التوفيق.

إذن هذا الكتاب في أصله من تقرير ابن حزم.

ويرى أبو طالب أن الحميدي أصابته غفلة في هذا الكتاب، وكذلك أصابت الغفلة أبا محمد بن حزم في استحسانه له وتصويبه لتقاسيمه.

وما ذاك منه إلا لأن كثيراً من مضمنه فهو مذهبه فغاب عنه ما وراء ذلك مما لو أمعن النظر فيه لم يخف عليه (١١).

وقال:

ولغيبة مواضع الانتقاد فيه عن أبي محمد وموافقته له فيما وافقه فيه


(١١) تحرير المقال ورقة ٢ ب.

<<  <   >  >>