المَأمورُ السِّلعةَ وقبلَ أنْ يَنقُدَ الثَّمنَ، كانَ النَّقدُ على الآمِرِ، ولَم يَكُنْ فيما يَجِبُ لِلمَأمورِ مِنْ الأُجرةِ إلَّا قَولانِ: أحَدُهما: أنَّ له الأُجرةَ بالِغةً ما بَلَغتْ. والآخَرُ: أنَّ له الأقَلَّ، ولو لَم يُعثَرْ على ذلك إلَّا بعدَ حُلولِ الأجَلِ، لَم يَكُنْ فيما يَجِبُ لِلمَأمورِ مِنْ الأُجرةِ إلَّا قَولانِ: أحَدُهما: أنَّ له الأُجرةَ بالِغةً ما بَلَغتْ، والآخَرُ: أنَّه لا شَيءَ له.
والخامِسةُ: أنْ يَقولَ له: اشتَرِ لي سِلعةَ كذا وكذا بعَشَرةٍ نَقدًا، وأنا أبتاعُها مِنْكَ باثنَيْ عشَرَ إلى أجَلٍ؛ فهذا حَرامٌ، لا يَحِلُّ ولا يَجوزُ؛ لأنَّه رَجُلٌ ازدادَ في سَلَفِه؛ فإنْ وقَع ذلك لَزِمتِ السِّلعةُ لِلآمِرِ؛ لأنَّ الشِّراءَ كانَ له، وإنَّما أسلَفَه المَأمورُ ثَمَنَها لِيأخُذَ منه أكثَرَ منه إلى أجَلٍ؛ فيُعطيَه العَشَرةَ مُعجَّلةً، ويَطرَحَ عنه ما أرْبَى، ويَكونَ له أُجرةُ مِثلِه بالِغةً ما بَلَغتْ في قَولٍ، والأقَلُّ مِنْ أُجرةِ مِثلِه، أو الدِّينارانِ في قَولٍ، ولا يَكونُ له شَيءٌ في قَولٍ؛ لِئَلَّا يَكونَ ذلك تَتميمًا لِلرِّبا فيما بينَهما على ما مَضَى مِنْ الِاختِلافِ في المَسألةِ التي قبلَها.
وقالَ في سَماعِ سَحنونٍ: إنْ لَم تَفُتِ السِّلعةُ فُسِخَ البَيعُ وهو بَعيدٌ، فقيلَ: مَعنَى ذلك إذا عَلِمَ البائِعُ الأوَّلُ بعَمَلِهما.
والسادِسةُ: أنْ يَقولَ له: اشتَرِ لي سِلعةَ كذا باثنَيْ عشَرَ إلى أجَلٍ، وأنا أشتَريها مِنْكَ بعَشَرةٍ نَقدًا؛ فهذا حَرامٌ لا يَجوزُ، ومَكروهٌ إذا استَأجَرَ المَأمورَ على أنْ يَبتاعَ له السِّلعةَ بسَلَفِ عَشَرةِ دَنانيرَ يَدفَعُها إليه يَنتَفِعُ بها إلى أجَلٍ ثم يَرُدُّها إليه؛ فإذا وقَع ذلك لَزِمتِ الآمِرَ السِّلعةُ باثنَيْ عشَرَ إلى أجَلٍ، لأنَّ الشِّراءَ كانَ له، ولا يَتعجَّلِ المَأمورُ منه العَشَرةَ النَّقدَ، وإنْ كانَ قد دَفَعَها إليه