للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما الإمامُ أحمَدُ وإسحاقُ فَهمُا يَحتجَّانِ به ويَرويانِ عنه، وترَكَه جَماعةٌ مِنْ أئمَّتِنا، ولولا حَديثُه: «فإنَّا آخِذُوها وشَطْرَ مالِه عَزْمةً مِنْ عَزَماتِ رَبِّنا» لَأدخَلْناهُ في الثقاتِ، وهو ممَّن استُخيرَ اللهُ فيه فجعَلَ روايتَه لهذا الحَديثِ مانعةً مِنْ إدخالِه في الثِّقاتِ. تمَّ كَلامُه.

وقد قالَ عليُّ بنُ المَديني: حَديثُ بهزِ بنِ حكيمٍ عن أبيه عن جَدِّه صَحيحٌ.

وقالَ الإمامُ أحمَدُ: بهزُ بنُ حكيمٍ عن أبيه عن جَدَّه صَحيحٌ، وليسَ لمَن رَدَّ هذا الحديثَ حُجةٌ، ودعوَى نَسخِه دَعوى باطلةٌ؛ إذ هي دَعوى ما لا دَليلَ عليه.

وفي ثُبوتِ شَرعيةِ العُقوباتِ الماليةِ عدَّةُ أحاديثَ عن النبيِّ لم يَثبتْ نَسخُها بحُجةٍ، وعَمِلَ بها الخُلفاءُ بعدَه، وأما مُعارَضتُه بحَديثِ البَراءِ في قصةِ ناقتِه ففي غايةِ الضَّعفِ؛ فإنَّ العُقوبةَ إنما تسوغُ إذا كانَ المُعاقَبُ مُتعدِّيًا بمنعِ واجبٍ أو ارتكابِ مَحظورٍ، وأما ما تَولَّدَ مِنْ غيرِ جِنايتِه وقَصدِه فلا يُسوِّغُ أحدٌ عُقوبتَه عليه، وقولُ مَنْ حمَلَ ذلك على سَبيلِ الوَعيدِ دونَ الحَقيقةِ في غايةِ الفَسادِ يُنزَّهُ عن مثلِه كلامُ النبيِّ ، وقولُ مَنْ حمَلَه على أخذِ الشطرِ الباقي بعدَ التلفِ باطِلٌ؛ لشدَّةِ مُنافَرتِه وبُعدِه عن مَفهومِ الكلامِ، ولقَولِه: «فإنَّا آخِذُوها وشَطْرَ مالِه».

وقولُ الحَربيِّ: «إنه وشَطرُ بوَزنِ شُغل» في غايةِ الفَسادِ ولا يَعرفُه أحدٌ مِنْ أهلِ الحَديثِ، بل هو مِنْ التَّصحيفِ، وقولُ ابنِ حبَّانَ: «لولا حَديثُه هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>