للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال ابن كثير: «لم يُنكره أحدٌ من الصحابة، فكان كالإجماع السُّكوتي» (١).

والإجماع السكوتي حجة، ودلالته ظنية، وليس كالإجماع القطعي؛ لأن الساكت لا ينسب له قول، ويحتمل وجوهًا كثيرة غير الرضا، فقد يرى المجتهد أنه بحاجة إلى مزيد وقت لينظر في المسألة، أو أنه مما يسوغ فيه الخلاف، أو ظن التأخير لمصلحة، أو أن رأي الحاكم يرفع الخلاف، أو خاف ألا يلتفت إلى قوله.

ونوقش هذا الاستدلال:

حاول الحنفية الرد على الاستدلال بالأثر بأجوبة، منها:

الجواب الأول:

أن هذا الأثر موقوف على عمر ، وقول النبي وفعله أولى (٢).

• وأجيب:

قول عمر حجة ما لم يخالف نصًّا أو يخالفه صحابي آخر، ومع ذلك فالأثر لم يكن قولًا لعمر وحده، بل لجميع الصحابة الذين شهدوا الصلاة، وأقروه على قوله، وقد اشتهر ذلك عن عمر بدليل وصوله إلينا، ومع ذلك لم يثبت أن أحدًا من الصحابة خالفه، فكان إجماعًا سكوتيًا كما سبق بيانه، والله أعلم.

الجواب الثاني:

أن قوله: (إن الله لم يكتبها علينا) أي في تلك الحال، حال قراءتها على المنبر؛ لما فيه من قطع للخطبة، وعمل كثير، والسنة في الخطبة الموالاة، فلما تعارض صار السجود غير واجب في هذه الحال، وإن سجد جاز، ولذلك كره المالكية قراءة آية السجدة في الخطبة كما سيأتي بحثه إن شاء الله تعالى.

• ويجاب من وجهين:

الوجه الأول:

أن عمر نفى وجوب السجود، والنفي مطلق لم يقيد في حال الخطبة.


(١) مسند الفاروق (١/ ٢٥٦).
(٢) البناية شرح الهداية (٢/ ٦٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>