للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الكلام على مبطلات الصلاة بمرور المرأة والحمار والكلب الأسود.

الجواب الثاني:

أن إطلاق المسجد على الحرم كله هذا من باب التغليب، ولا يعني إعطاء الحرم كله حكم المسجد، وإلا لشرعت لدخوله تحية المسجد، ونهي عن البيع في الحرم، والتبول فيه، وغيرها من الأحكام التي ينهى عن فعلها في المسجد، وتباح خارجه.

وقد قال سبحانه: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: ١٤٤]، فأطلق المسجد الحرام هنا وأراد به الكعبة خاصة لمن هو في المسجد، ولو استقبل المصلي في الحرم حائط المسجد المحيط بالكعبة لم تصح صلاته.

(ح-٢١٩٣) وروى البخاري ومسلم من طريق الزهري، عن سعيد،

عن أبي هريرة ، عن النبي ، قال: لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام … الحديث (١).

ولا يجوز شد الرحال إلى مساجد مكة، فقصد بالمسجد الحرام مسجد الكعبة خاصة.

فصار المسجد الحرام يطلق ويراد به الكعبة خاصة كما في آية استقبال القبلة، ويطلق ويراد به مسجد الكعبة كما في حديث النهي عن شد الرحال، ويطلق، ويراد به الحرم كله تغليبًا كما في الآيات السابقة.

وكما كان الاستقبال خاصًّا بالكعبة، فكذلك جواز المرور بين يدي المصلي على القول بصحة استثناء المسجد الحرام من المنع فهو خاص بمسجد الكعبة؛ لأن سبب التخفيف ليس راجعًا لشرف البقعة وإلا لدخل في هذا الحرم النبوي؛ لشرفه وفضله، وإنما سبب التخفيف؛ لما في منع المرور بين يدي المصلي في المسجد الحرام من الحرج والمشقة بسبب كثرة الزحام، ولا يوجد مثل هذا في سائر مساجد مكة شرفها الله، ولا في مساجد باقي الحرم، فإذا كان الراجح أن المسجد الحرام كغيره من المساجد لا يجوز المرور فيه بين يدي الإمام والمنفرد الذي يصلي فيه إلى سترة، فكذلك سائر الحرم من باب أولى.


(١) صحيح البخاري (١١٨٩)، وصحيح مسلم (٥١١ - ١٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>