للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وعلى فرض أن تكون النصوص مطلقة، ولم تقيد بشيء، أيكون النهي فيها معللًا أم تعبديًّا؟

فإن كان تعبديًّا فيسلم لكم أنه لا يصح أن تقيد أو تخصص النصوص المطلقة والعامة إلا بنص؛ لعدم إدراك علة النهي، ولم أقف على أحد يقول: إن العلة في النهي عن اشتمال الصماء تعبدية.

وإن كان معللًا، ولو بعلة مستنبطة، فيجوز أن يقيد بها النص أو يخصص بها العام، لكن بشرط أن تكون العلة المستنبطة ظاهرة؛ لأن الفقهاء يتوسعون في التماس علل الأحكام، وبعضها بعيد جدًّا، وإذا كان الراجح في العلة هو الخوف من انكشاف العورة كما بينت ذلك في المبحث السابق، كان النهي عن اشتمال الصماء مقيدًا بالثوب الواحد بما يجعل أحد شقيه مفتوحًا إلى عورته بحيث ترى منه، فإذا كان عليه إزار أو قميص فلا معنى للنهي عنه في هذه الحالة لسببين، أحدهما: أنه لا خوف على عورته من الانكشاف. والثاني: لأن هذه لبسة المحرم، فما صح لبسه في حال الإحرام، صح لبسه في الصلاة، والله أعلم.

فإن قيل: إن الاضطباع خاص بالطواف، فإذا أراد أن يصلي ركعتي الطواف سوى رداءه، فكذلك إذا أراد أن يصلي فلا يضطبع في الصلاة.

فالجواب: إذا لم يكن الاضطباع عورة في النظر، فهو ليس عورة في الصلاة، فالكلام ليس على استحباب الاضطباع في الصلاة، وإنما على الجواز، وصحة الصلاة، وأنه ليس داخلًا في اشتمال الصماء، والله أعلم.

الدليل الرابع:

(ح-٨١٤) ما رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار من طريق حفص بن ميسرة، عن موسى بن عقبة، عن نافع،

عن ابن عمر قال: قال رسول الله : إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه، فإن الله أحق من يزين له، فإن لم يكن له ثوبان، فليتزر إذا صلى، ولا يشتمل أحدكم في صلاته اشتمال اليهود (١).


(١) شرح معاني الآثار للطحاوي (١/ ٣٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>