للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لا يعرف هذا القول في التابعين إلا عنه، فإني لا أحب أن أقول بقول لا يوافقني عليه من السلف إلا واحد، وإن كان القائل مثل الإمام الحسن البصري عليه رحمة الله، فالحق لا يمكن أن يغيب عن سواد الأمة، فإذا انفرد قتادة بقول، أو انفرد طاوس، أو الحسن، أو النخعي، وكانت الأمة على خلاف قوله، فإني أنحاز إلى السواد الأعظم، أما لو قالت به طائفة من أهل العلم، وإن كان عددهم قليلًا فينظر في حجتهم، فقد يكون الحق مع القلة، وقد تخطئ الكثرة، بخلاف ما يتفرد به واحد من التابعين، ولا يعرف له متابع على هذا الفقه، مع أن قول الحسن مخالف في ظاهره لحديث أبي ذر، ومخالف لقول ابن مسعود وسعد بن أبي وقاص .

وأما نسبة القول بأنه رواية عن مالك، أو نسبته لابن حبيب من المالكية، فلا يثبت ذلك عنهما، كما بينت في الأقوال.

ويبقى القول ثابتًا عن أبي بكر الحميدي المتوفى سنة (٢١٩) أ. هـ وبينه وبين وفاة الحسن أكثر من مائة سنة، فالحسن البصري مات سنة (١١٠) هـ وثابت عن أبي عبد الرحمن الشافعي.

وأما قول ابن حزم وابن تيمية وابن رجب فهو من قبيل الاختيار والترجيح لتأخر عصرهم، لهذا أرى الخلاف في هذه المسألة، كما وصفه ابن عبد البر وابن رشد بأنه من الخلاف الشاذ.

وقد اختلف في توجيه قول الحسن بعدم القضاء.

قال المروزي: «قول الحسن هذا يحتمل معنيين:

أحدهما: أنه كان يكفره بترك الصلاة متعمدًا، فلذلك لم ير عليه القضاء؛ لأن الكافر لا يؤمر بقضاء ما ترك من الفرائض في كفره.

والمعنى الثاني: أنه إن لم يكن يكفره بتركها، فإنه ذهب إلى أن الله ﷿ إنما افترض عليه أن يأتي بالصلاة في وقت معلوم، فإذا تركها حتى يذهب وقتها فقد لزمته المعصية لتركه الفرض في الوقت المأمور بإتيانه به فيه، فإذا أتى به بعد ذلك فإنما أتى به في وقت لم يؤمر بإتيانه به فيه، فلا ينفعه أن يأتي بغير المأمور به عن المأمور

<<  <  ج: ص:  >  >>