ولأن المكيَّ ممنوع من الاجتهاد في القبلة لقدرته على إصابة العين فكذلك المجتهد إذا قدر على اليقين.
ولأن الظن عرضة للخطأ والصواب بخلاف العلم.
أما إذا تعذر اليقين فإنه يأخذ بالظن، واستدلوا بأدلة العمل بالظن، حيث حملوها على ما إذا تعذر الوصول إلى اليقين.
• ونوقش:
بأن القادر على اليقين غير المتيقن، فالاجتهاد إنما يجوز للقادر على اليقين وليس لمن وصل إلى اليقين.
ولأن المصلي لو صبر حتى يتيقن دخول الوقت فات عليه مطلوب شرعي، وهو أول الوقت.
فهو بمنزلة الصحابي الذي يجتهد أو يستفتي صحابيًّا آخر مع وجود الرسول ﷺ، فهو قادر على الوصول إلى اليقين، ومع ذلك سلك سبيل الظن، وليس بمنزلة من بلغه النص فتركه، وذهب إلى الاجتهاد.
ولأنه لو وجب المتيقن مطلقًا، لكان العمل في المسائل التي يدور فيها الخلاف بين الوجوب والاستحباب يتعين الفعل؛ لأنه يخرج من العهدة بيقين، والمسائل التي يدور فيها الخلاف بين الكراهة والتحريم يتعين الترك للسبب ذاته، مع أن ترجيح الاستحباب والكراهة يعني خيار الترك في الأمر، وخيار الفعل في المنهي، وكلاهما مظنون.
• وجه التفريق بين الصلوات التي تشارك ما قبلها وبين غيرها.
الصلوات التي تشارك ما قبلها يصليها إذا غلب على ظنه دخول الوقت، كالعصر، والعشاء، بخلاف الصلوات التي لا تشارك ما قبلها كالظهر، والمغرب، والفجر فلا يصليها حتى يتحقق دخول الوقت، ووجه التفريق: أن الوقت في الصلاتين المجموعتين يصبح وقتًا لهما في حال العذر، ومنه اشتباه الوقت.