للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدة طويلة، وكان قد طعن في السن وذهل في عقله، وقد باشر ديوان الوزارة أحسن مباشرة.

وفي يوم السبت عاشره نزل السلطان وتوجه إلى ميدان المهارة الذي بقناطر السباع وكشف على العمارة التي أنشأها بالميدان، ثم توجه من هناك إلى الروضة وأقام بالمقياس ذلك اليوم.

وفي ذلك اليوم كان عقد مجلس بالمدرسة الصالحية، وحضر قاضي القضاة الشافعي كمال الدين الطويل وقاضي القضاة الحنفي عبد البر بن الشحنة وقاضي القضاة المالكي محيي الدين يحيى ابن الدميري، وكان هذا العقد للمجلس بسبب شرف الدين بن روق، ومن ملخص واقعته أنه كان رجلا أهوج، وعنده خفة ورهج، وكان السلطان حاططا عليه بسبب علم الدين الذي كان متحدثا على الخزانة وقد تقدم القول على ذلك، وكان شرف الدين بن روق صهر علم الدين زوج أخته، فلما جرى لعلم الدين ما تقدم ذكره فضمنه شرف الدين بن روق فيما تأخر عليه من المال الذي قرره عليه السلطان، فلما مات علم الدين رسم السلطان على ابن روق وطالبه بما على علم الدين وجرى على ابن روق بسبب ذلك شدائد ومحن يطول شرحها.

ثم إن ابن روق وقع من لسانه بكلمات فاحشة في حق قضاة العصر وغيرهم من الناس حتى قيل عنه أنه قال: "لم أستكمل الآن أحدا من القضاة ولا غيرهم بأن أصلي خلفه" فضبطوا عليه ذلك، فلما أحضروه في المدرسة الصالحية فجر على قاضي القضاة الحنفي عبد البر بن الشحنة وعلى قاضي القضاة المالكي يحيى بن الدميري، وكان شرف الدين بن روق من أهل العلم والفضل بارعا في أصول الدين. فلما أفحش في حق عبد البر بن الشحنة، عزره قاضي القضاة الشافعي كمال الدين الطويل، وسطحه على ظهره في وسط المدرسة الصالحية، وضربه على رجليه بعض عصيات بسبب إساءته على قاضي القضاة عبد البر، فلما جرى ذلك كادت العوام أن ترجم عبد البر بن الشحنة وتعصبوا إلى ابن روق، ثم انقض ذلك المجلس مانعا، وكان السلطان قائما في أن يثبت على ابن روق كفرا ويضرب عنقه فلم يتم له ذلك، وكان قاضي القضاة الشافعي كمال الدين الطويل قائما في الباطن مع ابن روق، فلما بلغ السلطان ذلك مقت القاضي الشافعي بسبب أنه لم يوافق على إتلاف ابن روق.

فلما انفض المجلس من الصالحية تسلم القاضي بركات المحتسب ابن روق ومضى به إلى بيته ليعاقبه، فوضعه في الحديد وحصل له غاية البهدلة في ذلك اليوم، حتى قيل إن ابن موسى ضربه فوق المائة عصا، واستمر عنده في الحديد حتى يستخلص منه المال

<<  <  ج: ص:  >  >>