وفيه ثارت رياح عاصفة وأمطرت السماء مطرا غزيرا وقام الرعد والبرق، وكان ذلك في أواخر توت والنيل في قوة الزيادة، حتى عد ذلك من النوادر.
وفيه قام الأتابكي قرقماس على السلطان ومنعه من السفر إلى ثغر الإسكندرية وقبل له الأرض عدة مرار، وقال له إن الطرقات وحل من ماء النيل وسلوك البر صعب في هذه الأيام، وكان يقصد السفر من البر فبطل ذلك.
وفيه ثبت النيل المبارك على إحدى وعشرين أصبعا من ثماني عشرة ذراعا وانهبط في أواخر توت ولم يثبت، وكان نيلا شحيحا فشرق غالب البلاد ولولا لطف الله تعالى لوقع غلاء عظيم، وكان عند جماعة الأقباط عادة أن في ليلة عيد ميكائيل صبحة نزول النقطة يزنون الطينة وعددوها على ستة عشرة قيراطا فمهما زادت عن القراريط يكون بقدرها أذرع في زيادة النيل، فوزنوها في هذه السنة وجاءت قريب عشرين قيراطا، فتفاءل الناس بأن النيل يبلغ في هذه السنة عشرين ذراعا فلم يكن ذلك، وهذه القاعدة قط ما أخرمت عند القبط سوى هذه السنة، فعد ذلك من النوادر. وكذلك البئر التي في منيل أبي شعرة بنواحي البهنسا، قيل إن في ليلة الخامس والعشرين من بشنس يطف ماء تلك البئر في الليل، فمهما تغطى من الدرج التي في تلك البئر يكون فألا للنيل، فطف ماؤها وغطي نحوا من عشرين درجة من درج البئر، فتفاءل الناس بأن النيل يبلغ في هذه السنة نحوا من عشرين ذراعا فلم يكن ذلك وأخرمت هذه القاعدة أيضا. وقيل إن امرأة صالحة رأت في المنام أن ملكين نزلا من السماء وتوجها إلى البحر فرفسه أحدهما برجله فانهبط سريعا، ثم قال أحدهما إلى الآخر:"إن الله تعالى كان أمر النيل أن يزيد إلى عشرين ذراعا فلما تزايد الظلم بمصر أذن له بالهبوط وهو في ثماني عشرة ذراعا" فلما انتبهت من المنام انهبط النيل في تلك الليلة دفعة واحدة.
وفيه توفي جانم الإبراهيم أحد الأمراء الطلبخانات وكان مسرفا على نفسه، مات قتيلا.
وقد وقع من مكان عال وهو سكران فمات لوقته.
وفيه رسم السلطان بشنق شخص من العربان المفسدين يقال له عمر بن موسى النفعي من عربان ثعلبة، وكان من شجعان العرب.
وفيه نزل السلطان إلى عند قبة الهوى التي تحت القلعة وجربوا قدامه مكاحل، وأقام هناك إلى بعد العصر ثم طلع إلى القلعة.