للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكان يخرج من أبواب القاهرة فى كل يوم فوق اثنتى عشرة (١) ألف جنازة، حتى قيل فى المعنى:

نحن بنو الموت فما بالنا … نعاف ما لا بدّ من شربه

تبخل أيدينا بأرواحنا … على زمان هى من كسبه

وفيه توفّى قاضى القضاة الشافعى بهاء الدين عبد الله بن عبد الرحمن بن عقيل، وكان من ولد عقيل بن أبى طالب، وكان مولده فى المحرم سنة ثمان وتسعين وستمائة، وكان ولى قضاء الشافعية بمصر، فأقام فيها نحو ثمانين يوما وانفصل عنها، وكان عالما فاضلا نحويّا محدثا، وكان رجلا صالحا من أولياء الله، رحمة الله عليه.

ومن الحوادث أنّ فى يوم الجمعة سادسه (٢)، بعد صلاة الجمعة، ركب المماليك الأجلاب اليلبغاوية، ولبسوا لامة الحرب، وطلعوا إلى الرملة؛ وتوجّه منهم طائفة إلى بيت الأتابكى أسندمر الناصرى، وقالوا له: «قم واركب معنا»، فقال لهم: «إيش قصدكم»؟، فقالوا: «قصدنا تسلّمنا خمسة من الأمراء المقدّمين، وهم: الأمير بيرم العزّى، الدوادار الكبير، والأمير جركتمر المنجكى، أمير مجلس، والأمير بيبغا القوصونى، أمير آخور كبير، والأمير كبك المعروف بالجوكندار، أحد الأمراء المقدّمين، والأمير أزدمر العزّى».

فلما أغلظوا على الأتابكى أسندمر فى القول، بعث بالقبض على هؤلاء (٣) الأمراء، وقيّدهم وأرسلهم إلى السجن بثغر الإسكندرية؛ فلما فعل ذلك لم يقنعوا مماليك يلبغا بذلك، وباتوا بسلاحهم.

فلما كان يوم السبت، أصبحوا على حربهم، وطلبوا من الأتابكى أسندمر، الأمير خليل بن قوصون، فسلّمه إليهم، فافتدى نفسه منهم بمائة ألف درهم، فلما دفعها لهم، لم يقنعوا بذلك.


(١) اثنتى عشرة: اثنتى عشر.
(٢) الجمعة سادسه: كذا فى الأصل.
(٣) هؤلاء: هولاى.