للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخندكار بأدرنة. ثم حضر جماعة من الأمراء الجراكسة وصلّوا على الأمير يخشباى وكانت له جنازة حافلة وصنعوا قدّامه كفّارة.

وفيه قدمت الأخبار من حلب بوفاة القاضى محب الدين محمود ابن القاضى شمس الدين محمد بن أجا الحلبى، وكان ريّسا حشما أصيلا عريقا فاضلا ولى قضاء الحنفية بحلب، ثم ولى كتابة السرّ بالديار المصرية، وأقام فى هذه الولاية ست عشرة سنة وهو عزيز مصر، نافذ الكلمة وافر الحرمة، وهو آخر كتّاب السرّ بالديار المصرية ولم يجئ بعده من يناظره فى الرئاسة والتعاظم والنظام، ومشى مشى الرؤساء المتقدّمين فى كتابة السرّ، وكان مولده سنة اثنتين (١) وخمسين وثمانمائة ومات وهو فى ست (٢) وسبعين سنة، وكان كثير الأمراض فى جسده، وأكثر إقامته فى داره والناس تسعى إليه فى أشغالها. ولما توفى رثاه الأديب ناصر الدين محمد بن قانصوه من صادق، لطف الله به، بهذه القصيدة وأجاد بقوله حيث قال:

ألا فى سبيل الله نجل أجا الذى … يكلّ إذا عدّت فضائله الفكر

فضائله كالزهر والزهر ذكرها … ومنظرها إذ فيهما النشر والبشر

كنجم بأفق الملك كان كم اهتدى … به من بليل الهمّ ضلّ به الحجر

كتابة سرّ الملك ماتت لكونها … به ختمت والسرّ من بعده جهر

لذا كان محمودا وبالقلب ذكره … رعى الله محمودا له الحمد والشكر

فمن مثل محمود ومن مثل قلبه … وذا القلب ممدوح يلذّ به الذكر

لقد كان كالنعمان فى العلم والسخا … وفى الفخر نعم العلم والجود والفخر

له فكرة كانت تمدّ يراعه … بدائع لفظ نظم إبداعها الدرّ

لعمرك ما فى الفضل والوصل مثلها … بيان معانيها (٣) لربّ الحجا سحر

أرى الله منه الروح روحا تفضّلا … عليه وريحانا وزيد له الأجر

وصيّر قبرا ضمّه خير روضة … يطيب بها فيه له اللفّ والنشر

تمّت المرثية فى القاضى كاتب السرّ محمود بن أجا . - وفيه فى يوم الخميس


(١) اثنتين: اثنين.
(٢) ست: ستة.
(٣) معانيها: معانها.