للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولقد وقع للأشرف قانصوه الغورى أشياء كثيرة من الغرائب لم تقع لغيره من الملوك السالفة وربما يأتى الكلام على ذلك فى موضعه. - وفى هذا الشهر جاءت الأخبار من الطور بأن قد غرقت مراكب مسمارى كبار فيها قمح للدشيشة التى رتّبها الأشرف قايتباى إلى المدينة الشريفة، [وكان فى تلك المراكب] (١) أصناف بضائع بنحو عشرة آلاف دينار للأتابكى قرقماس فغرق جميعه، وغرق فيها ما لا يحصى من رجال ونساء وصغار عند بركة غرندل، فشقّ ذلك على الناس ولا سيما أهل المدينة الشريفة فإن كان بها الغلاء الشديد.

وفى رمضان فى يوم مستهلّه عرض القاضى شرف الدين الصغير ناظر الدولة اللحم والخبز والدقيق والسكر على السلطان وهو بالميدان، وطلع به مزفوفا على رؤوس الحمّالين على جارى العادة، فأخلع عليه وعلى الزينى بركات بن موسى المحتسب، وأخلع فى ذلك اليوم على شيخ العرب نجم شيخ العايد باستمراره على عادته، وطلع القضاة الأربعة والخليفة على الدكّة بالحوش جلوسا عامّا، وكان يوما مشهودا. - وفى ذلك اليوم حضر علاى الدين ناظر الخاصّ، وكان توجّه إلى الطور بسبب إرسال عليق العسكر المتوجّه إلى التجريدة فأرسله فى مراكب من البحر الملح إلى جدّة. - وفى يوم الاثنين خامسه طلع الأمراء إلى الخدمة، فلما تكامل المجلس أحضر السلطان المصحف العثمانى بين العسكر وحلّف عليه الأمير دولات باى الذى قرّر فى أمرة السلاح، وحلّف أيضا أركماس الذى كان نائب الشام، فحلفا للسلطان بأن يكونا تحت طاعته، فلما حلفا ألبس كلا منهما سلارى صوف بصمور وانفضّ الموكب على ذلك. - وفى يوم الاثنين ثانى عشره أخلع السلطان على قاضى القضاة جمال الدين القلقشندى وأعاده إلى قضاء الشافعية وهذه الولاية الثانية، وعزل عبد القادر بن النقيب فكانت مدته فى هذه الولاية تسعة أشهر وعشرين يوما وهى الولاية الثالثة، وكان فى هذه الولايات فى غاية الضنك وكان غير محبّب للناس. - وفى يوم الثلاثاء ثالث عشره توفى الأمير طقطباى قرابة


(١) وكان فى تلك المراكب: فى ذلك هذا المراكب.