من غير شاش ولا قماش، فجلس السلطان على الدكّة وحوله الأمراء، فلما دخل قاصد ملك الحبشة على السلطان، كان صحبته جماعة من الحبشة، ومعهم كراسى يجلسون عليها بحضرة السلطان، فمنعوهم الرءوس النوب من ذلك؛ ثم إن السلطان أكرم القاصد وأخلع عليه، وأنزله فى مكان قد عدّ له، ورتّب له ما يكفيه فى كل يوم إلى أن عاد إلى بلاده؛ وحضر صحبته تقدمة حافلة للسلطان، فأكرم ذلك القاصد جدا؛ وسبب حضوره أنه جاء يسأل البطرك بأن يولّى شخصا يكون نائبا عنه ببلادهم.
وفى صفر أخلع السلطان على الأمير قنبك جشحة، وقرّر فى الرأس نوبة الثانية عوضا عن أزدمر تمساح، بحكم انتقاله إلى التقدمة، وقرّر فى الحجوبية الثانية تانى بك الأينالى، عوضا عن قنبك جشحة، بحكم انتقاله إلى رأس نوبة ثانى. - وفيه نزل السلطان إلى جهة قليوب، وكان يوم الجمعة، فلما عاد صلّى الجمعة فى قبّة الأمير يشبك التى بالمطرية، وتوجّه قاضى القضاة الشافعى وخطب به هناك.
وفيه جاءت الأخبار من المدينة الشريفة بوفاة أينال الإسحاقى الظاهرى، أحد العشرات، وشيخ الحرم الشريف النبوى، وكان إنسانا حسنا خيرا دينا، وله اشتغال بالعلم، وكان لا بأس به. - وفيه أخلع السلطان على شخص يقال له شمس الدين محمد الغزى بن المغربى، وقرّره فى قضاء الحنفية، عوضا عن ابن عيد، ولم يكن هذا الغزى أهلا لولاية قضاء الحنفية، ودلس على السلطان أمره، وكان الساعى له فى هذه الوظيفة تغرى بردى الأستادار ويعقوب شاه المهمندار، وقد عزّ ذلك على جماعة من الحنفية، وكان فيهم يومئذ من هو أولى بذلك من الغزى.
وفيه جاءت الأخبار من حلب بأن الأتابكى أزبك، لما وصل إلى حلب، وجد أمر الفتنة التى وقعت بين عسكر مصر وبين باينذر قد سكن أمرها، وأن يعقوب ابن حسن الطويل شقّ عليه ما فعله باينذر من سرعة قتله للأمير يشبك الدوادار ولامه على ذلك؛ ثم إن الأتابكى أزبك أرسل جانى بك حبيب قاصدا إلى عند يعقوب ابن حسن، فتلّطف به فى الكلام، وكان الأمير جانى بك حبيب سيوسا دربا حلو