للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نا داود بن أبي هند (١) عن عامر الشعبي (٢) أن عمر كان أول من وجه إلى الكوفة جرير بن عبد الله بعد قتل أبي عبيد فقال: هل لك في الكوفة وأنفلك الثلث بعد الخمس؟ قال: نعم فبعثه (٣) ويدل عليه أيضًا أنه لم يقسم لأحد سواهم ولو كان هذا على طريق القسمة لم يجز تخصيصهم بذلك؛ لمشاركة غيرهم لهم في الحضور فعلم أن تأويله ما ذكرنا.

ويبين صحة هذا: أنه لو كان هذا على طريق الشراء لم يدع على بلال وقومه ولهم فيها حق القسمة فلما دعا عليهم علم أنه لم يكن لهم فيها حق قسمة وأن ما فعله مع جرير وقومه كان نفلًا وعلى أنه لم ينقل أحد أنه قسم مصر ولا شك فيها (٤).

فإن قيل: فقد قال عمر: لولا أني قاسمٌ مسؤول لتركتكم وما قسمت لكم وهذا يدل على أن هناك قسمة واقعة (٥).

قيل: لتركتكم وما قسمت لكم من النفل.

بدليل: ما ذكرنا وقد روي عن علي ما يعضد فعل عمر فروى أبو بكر بإسناده عن ثعلبة (٦) عن علي أنه قال: لولا أن يضرب بعضكم وجوه بعضٍ لقسمت السواد بينكم (٧) فدل هذا على أنه لم يقسم إذ لو قسم مرة لم يقسم ثانيًا، وأيضًا فلما جاز للإمام أن يثبت الخراج


(١) هو داود بن أبي هند دينار بن عذافر الخراساني واسم أبي هند: دينار بن عذافر، الإمام، الحافظ، الثقة، أبو محمد الخراساني، ثم البصري، من موالي بني قشير - فيما قيل - ويقال: كنيته أبو بكر. قال يزيد بن هارون، ويحيى القطان، وطائفة: مات داود بن أبي هند سنة (١٣٩ هـ).
ينظر: التاريخ الكبير (٣/ ٢٣١)، سير أعلام النبلاء (٦/ ٣٧٦ - ٣٧٨).
(٢) سبقت ترجمته ص ٧١.
(٣) أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب فتوح الأرضين صلحا وسننها وأحكامها، باب فتح الأرض تؤخذ عنوة، وهي من الفيء والغنيمة جميعا، رقم (١٥٦).
(٤) ينظر: المغني (٢/ ٥٧٧)، الإنصاف (٤/ ١٣٧)، الروض المربع (١/ ٢٠١).
(٥) ينظر: الأم (٤/ ١٩١ - ١٩٢)، مختصر المزني (٨/ ٣٨٢)، الحاوي الكبير (١٤/ ٢٦٠).
(٦) هو ثعلبة بن يزيد، الحماني. قال عنه البخاري: فيه نظر. وقال النسائي: ثقة.
ينظر: التاريخ الكبير (٢/ ١٧٤)، ميزان الاعتدال (١/ ٣٧١).
(٧) أخرجه ابن أبي شيبة في كتاب الأمراء، باب ما ذكر من حديث الأمراء والدخول عليهم، رقم (٣٠٦٠٧)، والبيهقي في كتاب جماع أبواب السير، باب السواد، رقم (١٨٣٧٣)، (١٨٣٧٤)، ويحيى بن آدم في الخراج برقم (١١٣ - ١١٧)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في الأموال، كتاب فتوح الأرضين صلحا وسننها وأحكامها، باب شراء أرض العنوة التي أقر الإمام فيها أهلها وصيرها أرض خراج، رقم (٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>