للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (١١٠) وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا﴾ [طه: ١١٠، ١١١].

فاعتقدوا أن الباري : فرد الذات متعدد الصفات، لا شبيه له في ذاته، ولا في صفاته، ولا نظير، ولا ثاني، وسمعوا قوله ﷿: ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ [البقرة: ١ - ٣]، فآمنوا بما وصف الله به نفسه، وبما وصفه به رسوله ، تسليما للقدرة، وتصديقًا للرسل، وإيمانا بالغيب. واعتقدوا أن صفات الباري سبحانه معلومة، من حيث أعلم هو غيب من حيث انفرد، واستأثر كما أن الباري سبحانه معلوم من حيث هو مجهول ما هو.

واعتقدوا أن الباري سبحانه استأثر بعلم حقائق صفاته، ومعانيها عن العالمين، وفارق بها سائر الموصوفين، فهم بها مؤمنون، وبحقائقها موقنون، وبمعرفة كيفيتها جاهلون، لا يجوز عندهم ردها كرد الجهمية، ولا حملها على التشبيه كما حملته المشبهة، الذي أثبتوا الكيفية، ولا تأولوها على اللغات والمجازات؛ كما تأولتها الأشعرية. فالحنبلية لا يقولون في أخبار الصفات بتعطيل المعطلين، ولا بتشبيه المشبهين، ولا تأويل المتأولين مذهبهم: حق بين باطلين، وهدى بين ضلالتين: إثبات الأسماء والصفات، مع نفي التشبيه، والأدوات، إذ لا مثل للخالق سبحانه، مشبه ولا نظير له، فيجنس منه، فنقول كما سمعنا، ونشهد بما علمنا، من غير تشبيه ولا تجنيس، على أنه ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير، وفي رد أخبار الصفات، وتكذيب النقلة: إبطال شرائع الدين، من قبل أن الناقلين إلينا، علم الصلاة والزكاة، والحج، وسائر أحكام الشريعة: هم ناقلوا هذه الأخبار، والعدل مقبول القول فيما قاله، ولو تطرق إليهم والعياذ بالله التخرص بشيء منها؛ لأدى ذلك إلى إبطال جميع ما نقلوه، وقد حفظ الله سبحانه الشرع عن مثل هذا، وقد أجمع علماء أهل الحديث، والأشعرية منهم على قبول هذه الأحاديث، فمنهم من أقرها على ما جاءت، وهم

<<  <  ج: ص:  >  >>