للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدهما: ادخلوا في جميع شرائع الإسلام، باعتبار كافة وصف للسلم.

الثاني: ادخلوا جميعكم في الإسلام، باعتبار كافة وصف للداخلين في السلم.

فالمراد في القول الأول: أن يدخل في الإسلام كله، ولا يبعِّضه، ولا يأخذ ما يروق له ويدع ما لا يروق له، كمن قال الله عنهم: ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ﴾ [الحجر: ٩١] أي: جعلوه أجزاء وأعضاء. فالواجب أن يقبل الإنسان الدين كله، ولا يتخير منه ما يوافق هواه وقناعاته فقط، بل مقتضى الإيمان أن يقبله كله، ويدخل في عقده دون مماكسة. ولما جاء وفد من ثقيف، وأرادوا أن يسلموا، قالوا: نبايعك على كل شيء، إلا الصلاة، فإننا نراها دناءة! يظنون أنَّ وضع الجبهة في الأرض غير لائق، فقال : «لا خير في دين ليس فيه ركوع» (١)، وأبى أن يبايعهم حتى يقروا بالصلاة، فليس لأحد أن يرفض شيئاً من الدين، نعم قد لا يفعله تهاوناً وكسلاً، فهذا لا يخرجه من الدين، إلا الصلاة، فإنَّ الصلاة عمود الدين، من تركها ولو تهاوناً وكسلاً فالصحيح: أنَّه يكفر كفراً مخرجاً عن الملة. وقد جاء عن عبد الله بن شقيق العقيلي قال: "كان أصحاب محمد لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة" (٢).

الآية الثانية: قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً﴾ نزلت هذه الآية في رجلين اختصما، فقال أحدهما: نرتفع إلى محمد ، وقال الآخر: نرتفع


(١) أخرجه أبو داود في كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب ما جاء في خبر الطائف برقم (٣٠٢٦) وأحمد ط الرسالة برقم (١٧٩١٣) وقال محققو المسند: "رجاله ثقات رجال الصحيح"، لكن ضعفه الألباني.
(٢) أخرجه الترمذي ت شاكر في أبواب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة برقم (٢٦٢٢) وصححه الألباني.

<<  <   >  >>