آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ﴾ [يونس: ٨٤]، وأدرك هذا المعنى سحرة فرعون، حينما رأوا الحق الصُراح، فقالوا: ﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ﴾، ولما هلك فرعون، أو كاد، فَاهَ بهذا الوصف: ﴿آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [يونس: ٩٠].
- وأخبر عن ملكة سبأ أنها قالت: ﴿وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [النمل: ٤٤].
- وأخبر عن حواريي عيسى ﵇-أنهم قالوا: ﴿آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ٥٢]، وفي موضع: ﴿وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ﴾ [المائدة: ١١١].
- وقد سمَّى الله تعالى جميع أنبياء بني إسرائيل مسلمين، كما في قوله: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا﴾ [المائدة: ٤٤].
- بل إنَّ مؤمني الجن عبَّروا بهذا التعبير فقالوا: ﴿وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً﴾ [الجن: ١٤].
- وأمر نبيه محمداً ﷺ بما أمر الله تعالى به الأنبياء والمرسلين، فقال: ﴿وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الزمر: ١٢]، وفي موضع: ﴿وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [غافر: ٦٦]، وقال: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأنعام: ١٦٢ - ١٦٣].
فهذا الحشد من الآيات يُبيِّن أنَّ لفظ (الإسلام) لفظ قديم، واصطلاح عتيق، لم يأتِ مع بعثة محمد ﷺ، بل هو دين الله للأولين والآخرين، فهذا هو الإسلام بالمعنى العام.
وإنما وقع التنوع في الشرائع، كما قال ﷺ«الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ» متفق عليه. (١) والإخوة لعلات، هم أبناء الضرائر.
(١) (أخرجه البخاري في باب قول الله: واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانًا شرقيًا، برقم (٣٤٤٣)، وأخرجه مسلم في باب فضائل عيسى ﵇، برقم (٢٣٦٥)