للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الْهِجْرَةُ»، قَالَ: وَمَا الْهِجْرَةُ؟ قَالَ: «أَنْ تَهْجُرَ السُّوءَ»، قَالَ: فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الْجِهَادُ»، قَالَ: وَمَا الْجِهَادُ؟ قَالَ: " أَنْ تُجَاهِدَ، أَوْ قَالَ: تُقَاتِلَ، الْكُفَّارَ إِذَا لَقِيتَهُمْ، وَلَا تَغُلَّ، وَلَا تَجْبُنَ. " ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ بِإِصْبَعَيْهِ: «ثُمَّ عَمَلَانِ هُمَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ، أَلَا مَنْ عَمِلَ بِمِثْلِهِمَا، قَالَهَا ثَلَاثًا، حَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ، أَوْ عُمْرَةٌ») (١)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَعَلَ الْإِيمَانَ خُصُوصًا فِي الْإِسْلَامِ، وَالْإِسْلَامَ أَعَمَّ مِنْهُ، كَمَا جَعَلَ الْهِجْرَةَ خُصُوصًا فِي الْإِيمَانِ، وَالْإِيمَانَ أَعَمَّ مِنْهَا، وَجَعَلَ الْجِهَادَ خُصُوصًا مِنْ الْهِجْرَةِ، وَالْهِجْرَةَ أَعَمَّ مِنْهُ. فَالْإِسْلَامُ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ، لَا شَرِيكَ لَهُ، مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ. وَهَذَا دِينُ اللَّهِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ دِينًا غَيْرَهُ، لَا مِنْ الْأَوَّلِينَ، وَلَا مِنْ الآخرين، وَلَا تَكُونُ عِبَادَتُهُ مَعَ إرْسَالِ الرُّسُلِ إلَيْنَا إلَّا بِمَا أَمَرَتْ بِهِ رُسُلُهُ، لَا بِمَا يُضَادُّ ذَلِكَ، فَإِنَّ ضِدَّ ذَلِكَ مَعْصِيَةٌ. وَقَدْ خَتَمَ اللَّهُ الرُّسُلَ بِمُحَمَّدِ ، فَلَا يَكُونُ مُسْلِمًا إلَّا مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ، بِهَا يَدْخُلُ الْإِنْسَانُ فِي الْإِسْلَامِ. فَمَنْ قَالَ: الْإِسْلَامُ الْكَلِمَةُ، (٢) وَأَرَادَ هَذَا فَقَدَ صَدَقَ. ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ الْتِزَامِ مَا أَمَرَ بِهِ الرَّسُولُ مِنْ الْأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ، كَالْمَبَانِي الْخَمْسِ. وَمَنْ تَرَكَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا نَقَصَ إسْلَامُهُ بِقَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ: "مَنْ انْتَقَصَ مِنْهُنَّ شَيْئًا فَهُوَ سَهْمٌ مِنْ الْإِسْلَامِ تَرَكَهُ") (٣)


(١) (تعظيم قدر الصلاة لمحمد بن نصر المروزي (١/ ٤٠٢)
(٢) (قال شيخ الإسلام: (قَالَ الزُّهْرِيُّ: الْإِسْلَامُ الْكَلِمَةُ. وَعَلَى ذَلِكَ وَافَقَهُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ وَحِينَ وَافَقَهُ لَمْ يُرِدْ أَنَّ الْإِسْلَامَ الْوَاجِبَ هُوَ الْكَلِمَةُ وَحْدَهَا فَإِنَّ الزُّهْرِيَّ أَجَلُّ مَنْ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا أَحْمَد لَمْ يُجِبْ بِهَذَا فِي جَوَابِهِ الثَّانِي خَوْفًا مِنْ أَنْ يَظُنَّ أَنَّ الْإِسْلَامَ لَيْسَ هُوَ إلَّا الْكَلِمَةَ) مجموع الفتاوى (٧/ ٤١٥)
(٣) «مجموع الفتاوى (٧/ ٢٦٩ - ٢٧٠)

<<  <   >  >>