للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} اللّام متعلق بمحذوف دَلَّ عليه معنى الكلام على تقدير: حالَ بينكم وبينهم؛ ليدخل اللَّه في رحمته من يشاء (١)، يعني مَنْ أسْلَمَ من الكفار بعد الصلح، هكذا نَظْمُ الآية وحكمُها، فحذف جواب "لَوْلا" استغناءً بدلالة الكلام عليه (٢).

وقوله: {لَوْ تَزَيَّلُوا}؛ أي: تَمَيَّزُوا، يعني المؤمنين من الكفار {لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (٢٥)} يعني: بالقتل والسَّبْيِ بأيديكم.

قوله: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ} مفعول {حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} نصب على البدل من الأُولَى، وذلك حين صَدُّوا رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن البيت، ومَنَعُوهُ الطوافَ، ولَمْ يُقِرُّوا برسالته. و {إِذْ} في قوله: {إِذْ جَعَلَ} من صلة قوله: {لَعَذَّبْنَا}.

والحَمِيّةُ "فَعِيلةٌ" من قول القائل: حَمَى فلانٌ أنْفَهُ يَحْمِي حَمِيّةً ومَحْمِيةً (٣)، قال المتلمس (٤):


(١) قاله النحاس في إعراب القرآن ٤/ ٢٠٢، وينظر: المحرر الوجيز ٥/ ١٣٧، كشف المشكلات ٢/ ٣٢٠، البيان للأنباري ٢/ ٣٧٩، الفريد للهمداني ٤/ ٣٢٨.
(٢) يعني أن جواب "لَوْ تَزَيَّلُوا" وهو قوله: "لَعَذبْنا" يَدُلُّ على جواب "لَوْلا"، وهذا ما قاله الفارسي في كتاب الشعر ص ٦٥، وتابعه عليه الواحديُّ فِي الوسيط ٤/ ١٤٣. وذهب ابن قتيبة إلى أن قوله: "لَعَذَّبْنا" جواب لقوله: "وَلَوْلا رِجالٌ"، ولقوله: "لَوْ تَزَيَّلُوا" مَعًا؛ أي: أنه سَدَّ مَسَدَّ الجَوابَيْنِ، ينظر: تأويل مشكل القرآن ص ٣٦٨، وتبعه الزمخشري وابن الشجري، ينظر: الكشاف ٣/ ٥٤٨، أمالِيُّ ابن الشجري ١/ ٣٥٦، ٣٥٧، ٢/ ١١٩، ١٢٠.
وينظر أيضًا: البيان للأنباري ٢/ ٢٧٨، التبيان للعكبري ص ١١٦٧، البحر المحيط ٨/ ٩٧، الدر المصون ٦/ ١٦٤.
(٣) قاله أبو عبيدة وابن السكيت، ينظر: مجاز القرآن ٢/ ٢١٧ - ٢١٨، إصلاح المنطق ص ٢٢٧، وينظر أيضًا: تهذيب اللغة ٥/ ٢٧٤.
(٤) هو جرير بن عبد العُزَّى، أو عبد المسيح، من ربيعة، شاعر جاهلي من أهل البحرين، =

<<  <  ج: ص:  >  >>