وَمَنْ قَرَأَ بِالْيَاءِ فَقَالَ: لِأَنَّ «السَّمَاوَاتُ» جَمْعٌ قَلِيلٌ، وَالْعَرَبُ تُذَكِّرُ فِعْلَ جَمْعِ الْمُؤَنَّثِ إِذَا كَانَ قَلِيلًا كَقَوْلِهِ: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ}. وَلَمْ يَقُلِ: انْسَلَخَتْ، وَ {قَالَ نِسْوَةٌ} وَلَمْ يَقُلْ: قَالَتْ: فَسَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْقَاسِمِ الْأَنْبَارِيَّ لِمَ صَارَ ذَلِكَ كَذَلِكَ؟ فَقَالَ: سَأَلْتُ ثَعْلَبًا فَقَالَ: لِأَنَّ جَمْعَ الْقَلِيلِ قَبْلَ الْكَثِيرِ، وَالْمُذَكَّرَ قَبْلَ الْمُؤَنَّثِ، فَجُعِلَ الْأَوَّلُ عَلَى الْأَوَّلِ.
وَمَنْ قَرَأَ بِالْيَاءِ فَلَهُ حُجَّةٌ أُخْرَى، قَالَ: لَمَّا فَصَلَ بَيْنَ الِاسْمِ فَاصِلٌ وَهُوَ «لَهُ» جَازَ تَذْكِيرُهُ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ نَافِعٌ وَغَيْرُهُ، «كَمَا تَقُولُونَ» بِالتَّاءِ، «عَمَّا يَقُولُونَ» بِالْيَاءِ، وَ «يُسَبِّحُ» بِالْيَاءِ أَيْضًا، وَخَالَفَهُمْ حَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ فَقَرَأَ: «كَمَا يَقُولُونَ» وَ «عَمَّا يَقُولُونَ» بِالْيَاءِ فِيهِمَا جَمِيعًا و «تسبح» بالتاء.
- وقوله تعالى: {أإذا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا}.
قَرَأَ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ بِهَمْزَتَيْنِ فِيهِمَا، الْأُولَى اسْتِفْهَامٌ وَالثَّانِيَةُ أَصْلِيَّةٌ.
وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو بِتَلْيِينِ الْهَمْزَةِ الثَّانِيَةِ فِيهِمَا، وَيَجْعَلُ بَيْنَهَا مَدَّةً.
وَابْنُ كَثِيرٍ يَقْرَأُ مِثْلَ أَبِي عَمْرٍو غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُمِدُّ، كَأَنَّهُ يَهْمِزُهُ وَيَأْتِي بِيَاءٍ بَعْدَ الْهَمْزَةِ سَاكِنَةٍ.
وَقَرَأَ نَافِعٌ الْأُولَى مِثْلَ أَبِي عَمْرٍو، وَلَا يَسْتَفْهِمْ بِالثَّانِي، وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ الْأُولَى مِثْلَ حَمْزَةَ، وَالثَّانِيَةُ مِثْلَ نَافِعٍ، وَقَدْ ذَكَرْتُ عِلَّةَ ذَلِكَ فِي الْأَعْرَافِ وَفِي الرَّعْدِ.
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {دَاوُدَ زَبُورًا}.
قَرَأَ حَمْزَةُ وَحْدَهُ «زَبُورًا» بِالضَّمِّ.
وَالْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ عِلَّتَهُ، فِي النِّسَاءِ.
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لَئِنْ أخرتن}.
قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ وَصْلًا وَحَذَفَهَا وَقْفًا، إِلَّا ابْنَ كَثِيرٍ فَإِنَّهُ وَقَفَ بِيَاءٍ.
وَالْبَاقُونَ يَحْذِفُونَهَا وَصْلًا وَوَقْفًا وَقَدْ ذَكَرْتُ عِلَّتَهَا فِي الْبَقَرَةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرْتُهَا هُنَا، لِأَنَّ «لَئِنْ» حَرْفُ شَرْطٍ وَلَا يَلِيهِ إِلَّا الْمَاضِي، وَالشَّرْطُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالْمُسْتَقْبَلِ.
فَالْجَوَابُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ اللَّامَ فِي «لَئِنْ» تَأْكِيدٌ يَرْتَفِعُ الْفِعْلُ بَعْدَهُ، وَ «إِنْ» حَرْفُ