التوحيد هو مفزع الأولياء كما هو مفزع الأعداء، فالمؤمن إذا حزبه أو همه أمر يفزع فيسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خالصاً من قلبه، فيتحقق له دعاؤه بتوحيد الله في الدعاء، أو بدعائه بأمر أخلص فيه فيدعوه وحده، ويدعوه بعمل طاعة أخلص فيها لله، فهذا مفزع أوليائه وأصفيائه، وهو كذلك مفزع أعدائه، فإذا حز بهم أو أهمهم أمر وأرادوا أن يستجاب لهم دعوا الله مخلصين له الدين فيستجاب لهم.
إذاً: التوحيد هو أساس كل خير، فهو الذي يحقق للإنسان الخير سواء كَانَ مؤمناً أو كافراً، لأن الكافر يخلص في تلك اللحظة لكنه بعدها ينتكس عَلَى عقبيه، وهذا أيضاً يكون للمؤمنين ولكن فيما دون الشرك بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
عدم إظهار النفس البشرية افتقارها إلى الله
النفس البشرية لا تظهر افتقارها إِلَى الله في كل حال من الأحوال، ولو أننا أظهرنا فقرنا وتضرعنا وانكسارنا وذلنا لربنا عَزَّ وَجَلَّ في كل وقت، لكنا عبيداً له في كل وقت، لكن هذه مشكلتنا وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَائِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ [يونس:١٢] .
فالإِنسَان في حالة الشدة يعترف ويقر بفقره إِلَى الله عَزَّ وَجَلَّ، فيعاهد نفسه عَلَى أن يستمر عبداً لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فإذا عافاه الله بعد المرض أو أغناه بعد الفقر نكص عَلَى عقبيه، كما قال الله عن المنافقين وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ [التوبة:٧٥-٧٦] وهذا ليس خاصاً بالمنافقين بل حتى المؤمن قد يقع منه ما يشبه ذلك أو يقاربه.