للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا؛ حتى وهم كفار فجار يحاربونه إذا صدقوا في أنه ملجأ منه إلا إليه، فإنه لا يردهم خائبين، فالتوحيد كما يقول ابن القيم رحمه الله في كتاب الفوائد: مفزع أوليائه، ومفزع أعدائه، فإذا جاءت الشدة والكرب والغم والضنك لجأ إليه أولياؤه ولجأ إليه أعداؤه ويتوسلون إليه بالتوحيد ويدعونه وحده فيكشف عنهم ذلك الغم والكرب كما قال تعالى: فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ [الأنعام:٤١] .

ثانياً: أن الله سبحانه وتعالى عنده خزائن كل شيء لا تنفذ، فليس مثل ملوك وأغنياء الدنيا الذين لا بد أن يعطوا وأن يحرموا، وهذا في حق الله، فهو الذي لا تنتهي خزائنه وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ [الحجر:٢١] وقال في حديث أبي ذر: (يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا على صعيد واحد، ثم سألوني فأعطيت كل واحد منهم مسألته ما نقص ذلك من ملكي شيئاً إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر) سواء كانوا على هدى، وتقى، أو على ضلال وعصيان، فالله سبحانه وتعالى يتفضل عليهم جميعاً كما قال: كُلّاً نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً [الإسراء:٢٠] فهو الغني سبحانه وتعالى كل الغنى يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [فاطر:١٥] فهو الذي غناه غنىً مطلقاً، وهو الذي لو سأله الخلق جميعاً فأعطى كل واحد مسألته ما نقص ذلك من ملكه شيئاً.

<<  <   >  >>