[ثم إن الناس في الشفاعة على ثلاثة أقوال: فالمشركون والنصارىوالمبتدعون من الغلاة في المشايخ وغيرهم يجعلون شفاعة من يعظمونه عند الله كالشفاعة المعروفة في الدنيا، والمعتزلة والخوارج أنكروا شفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وغيره في أهل الكبائر.
وأما أهل السنة والجماعة فيقرون بشفاعة نبينا صلى الله عليه وسلم في أهل الكبائر وشفاعة غيره، لكن لا يشفع أحد حتى يأذن الله له ويحد له حداً، كما في الحديث الصحيح، حديث الشفاعة {إنهم يأتون آدم، ثم نوحاً ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، فيقول لهم عيسى عليه السلام: اذهبوا إلى محمد، فإنه عبد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيأتوني، فأذهب، فإذا رأيت ربي خررت له ساجداً، فأحمد ربي بمحامد يفتحها علي لا أحسنها الآن، فيقول: أي محمد ارفع رأسك، وقل يُسمع، واشفع تشفع، فأقول: ربي أمتي فيحدُّ لي حداً، فأدخلهم الجنة، ثم أنطلق فأسجد فيحد لي حداً) ذكرها ثلاث مرات] اهـ.
الشرح:
يقول رحمه الله: ثم إن الناس في الشفاعة على ثلاثة أقوال.
فذكر النوع الأول وهم:(المشركون والنصارى والمبتدعون من الغلاة في المشايخ وغيرهم، فهؤلاء يجعلون شفاعة من يعظمونه عند الله كالشفاعة المعروفة في الدنيا) وهؤلاء هم الذين أثبتوا الشفاعة، ولكنهم غلوا فيها حتى جعلوها لغير أهلها وفي غير موضعها، فجعلوا شفاعة من يعظمونه من نبي أو عبد لله صالح كالحال مع من يشفعون في الدنيا إلى ملوك الدنيا، وهذه الشبهة التي يرددها الشيطان دائماً على لسان عباد القبور أو عباد الأولياء، تجد الإنسان منهم إذا قلت له: يا فلان لا تدعو غير الله، يقول لك: أنا ضعيف وجاهل، وذنوبي كثيرة فأنا لا أجرؤ أن أدعو الله سبحانه وتعالى مباشرة، ومن جهلي لا أستطيع أن أدعو الله بالدعاء الذي يليق بالله سبحانه وتعالى.