للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حيث رآه في أجياد أو في الأبطح وهنالك مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى [النجم:١١] فهي ليست مجرد رؤية بالعين بل حقيقة استيقنها القلب، ورؤية حصلت في الملأ الأعلى عند سدرة المنتهى وهناك مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى [النجم:١٧] فلم يزغ البصر ولم يطغ مما رأى لأنه فوق طاقة البشر لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى [النجم:١٨] ومنها رؤية جبريل عَلَى خلقته فالرؤيتان كلاهما لجبريل فرآه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في خلقته التي خلقه الله عليها مرتين. إذاً: إذا تأملنا آوائل سورة النجم التي حصل فيها الخلاف لم نجد الظاهر والراجح إلا القول بأن الرؤية لجبريل عَلَيْهِ السَّلام، وأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم ير ربه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وليس فيه إشارة إِلَى أنه رأى ربه، يعنى: لا يدل عَلَى ذلك، فالكلام كله في الوحي، وفي نزول جبريل عَلَيْهِ السَّلام بالوحي، وفي الرؤية التي حصلت ثُمَّ قال: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى [النجم:١٣] فالمرأي في الأخرى هو المرأي في الأولى، وهناك إجماع عَلَى أن هذا المرأي في قوله: وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ [التكوير:٢٣] الضمير يعود عَلَى جبريل عَلَيْهِ السَّلام. إذاً يكون كل ما ورد بخلاف ذلك فهو مرجوح، مثل ما ورد في رواية شريك بن عبد الله (ثُمَّ دنا الجبار فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى) هذه رواية مرجوحة مضطربة كما سيأتي إن شاء الله الكلام عَلَى ضعفها واضطرابها بالتفصيل في مبحث الإسراء والمعراج. وكيف حصل النزاع؟ الذي يبدوا -كما أشرنا- أنه حصل لبس في فهم الرؤية وفي الضمير عَلَى من يعود في قوله تعالى: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى وليس فيما روي عن ابن عباس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- ما وعن أَبِي هُرَيْرَةَ وإن كَانَ لا يثبت عنه، وعن ابن مسعود من أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى ربه؛ لأنه قد روى النَّسَائِيُّ وغيره

<<  <   >  >>