للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفصلت فرقة ثالثة وقالت: إن نفس هذه الأحاديث جَاءَ في بعضها ما يفصل وهو أنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يأتي الخلائق في صورة غير الصورة التي يعرفون، فيسألهم ويمتحنهم، ثُمَّ ينفض الكفار، وتذهب كل فرقة أو طائفة من الكفار مع طاغوتها الذي كانت تعبده، فتبقى هذا الأمة ومعها منافقوها، فيتجلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فإذا رأوه خروا سجداً، والمؤمنون يسجدون والمنافقون تكون ظهورهم كالخشبة فلا يسجدون، فهذا دليل عَلَى أن المنافقين يرون الله وأن الكفار لا يرون الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

والكلام كما قال شَيْخ الإِسْلامِ ابْن تَيْمِيَّةَ وكما ذكر المُصْنِّف هنا أن الأمر فيه هين -ولله الحمد- وذلك بأن يقالأهل السنة جميعاً: متفقون عَلَى أن رؤية الإنعام والتكريم والتلذذ لا تكون إلا للمؤمنين في الجنة هذا أمر معلوم وقطعي متفق عليه.

فبقي إذاً مسألة الرؤية أثناء الحساب وأثناء العرض، إن وقعت للكفار فليست تكريماً ولا تنعماً، وإنما هي إقامة للحجة، وإن لم تقع لهم، فهي أيضاً من ضمن العقوبات، هذا ما يجعلنا نخرج من الخلاف، حتى أن شَيْخ الإِسْلامِ في آخر هذه الرسالة قَالَ: إن الوقت لا يتسع للترجيح فيها، ولكن ليست بذات الأهمية التي لا بد أن نرجح فيها، فنحن يكفينا هذا، وهو أن نعلم: أنه إن ثبتت الرؤية للكفار في حال الحساب وما قبله، فهي ليست رؤية التنعم والتلذذ والإكرام، وإنما هي رؤية لإقامة الحجة وللمحاسبة وللعقوبة.

وأما التي بالإجماع ولا ينالها الكفار ولا المنافقون إنما هي للمؤمنين، فهذه الرؤية التي هي للنعيم، وهي رؤية المؤمنين ربهم في الجنة، هذه الرؤية التي تُنَضِّرُ الوجوه، وهذه هي الزيادة التي يعطيها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أهل الجنة، ويحسن بها إليهم فوق إحسانه إليهم بإدخالهم الجنة، هذا ما يقتضيه المقام هنا.

من سوى النبي صلى الله عليه وسلم لا يرى الله في الدنيا بعينه بالاتفاق

<<  <   >  >>