فالمسألة موضع نظر، ولهذا لا يذكر هذا الحديث ضمن الأحاديث التي نستدل بها على رؤية الله تبارك وتعالى، وإنما ضمن الأحاديث التي هي محل نظر، والإمام الطحاوي توفي في أوائل القرن الرابع، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية إن الخلاف -هل يرى الكفار الله عز وجل أو لا يرونه- إنما نشأ بعد المائة الثالثة، يعني نستطيع أن نقول: إن الإمام الطحاوي لم يدرك هذا الخلاف وإنما تكلم بما كان عليه عامةالسلف، وهو أنهم يتكلمون بأن المؤمنين يرون ربهم وكان أهل البدع ينكرون ذلك، ويقولون: إن الله لا يُرى، فكان الخلاف محصوراً في هل يُرى أولا يُرى؟ والذين يقولون يُرى وهم أهل السنة يقولون: المؤمنون يرون ربهم، وأولئك قالوا: لا يرى مطلقاً.
وبعد الثلاث مائة نشأت قضية أخرى وهي: هل يراه الكفار والمنافقون أو لا يرونه؟ وهذه قضية اجتهاد ونظر، أي: ليست هذه من الأمور التي تؤثر في الاعتقاد والدين سواء قيل الكفار يرونه أو لا يرونه ولكن بالقيد الذي سنذكره، وليست مسألة محنة ولا فتنة، وهنا سنقف قليلاً لذكر قصة وقعت في زمنشيخ الإسلام ابن تيمية حول هذا الموضوع لنأخذ منها العبرة.
فأهل البحرين في زمنشيخ الإسلام ابن تيمية كان فيهم علماء وصلحاء، فحصلت بينهم فرقة وشقاق، وتهاجر وعداوة من أجل هذه القضية، هل الكفار يرون الله أم أنهم لا يرون الله وهم متفقون على أنه ليس في الجنة قطعاً، فالكفار لا يدخلون الجنة، لكن قالوا: في أثناء الحشر قبل الحساب، هل يرونه أو لا يرونه؟ وتهاجروا وتقاطعوا واختلفوا في هذه المسألة فكتبوا إلىشيخ الإسلام ابن تيمية ولما بلغه ذلك رضي الله تعالى عنه كتب إليهم ليهون عليهم الأمر.