أما بالنسبة لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فنقول: إنه لا يرى في هذه الدار التي فيها هذا الضعف، وإنما يرى في الدار الآخرة حيث يكون الإِنسَان خلقاً آخر في قواه وفي إدراكاته، فذلك عالم آخر والله تَبَارَكَ وَتَعَالَى يمن عَلَى المؤمنين بأن يعطيهم القدرة عَلَى أن يروه جل شأنه كما يليق بجلاله وعظمته، فيطيقون ذلك يَوْمَ القِيَامَةِ مع أنهم لا يطيقون هذا في الدنيا، فيستدل المُصنِّفُ عَلَى ذلك بنفس الآية التي سبقت وهي آية الأعراف عندما طلب موسى عَلَيْهِ السَّلام أن يرى ربه، فَيَقُولُ: ولهذا لما تجلى الله للجبل خر موسى صعقاً، فلما أفاق قَالَ: سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ [الأعراف:١٤٣] أي: يقول: وأنا أول المؤمنين بأنه لا يراك حي إلا مات، ولا جمادٌ ولا يابس إلا تدهده، والجبل عَلَى عظمته لما حصل له التجلي، فإنه تدهده وتحول إِلَى حطام، وهذا لعجز الإِنسَان ولعجز حتى الجماد في هذه الحياة الدنيا عن تحمل تجلي الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.