ثُمَّ قَالَ: وفي ذلك دليل عَلَى علو الله عَلَى خلقه لأن كلام النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كلا الحالتين -عندما أشار إِلَى الشمس أو أشار إِلَى القمر في الليلة التي كَانَ فيها القمر أو لما قَالَ:(هل ترون الشمس أو ترون القمر ليس بينكم وبينها قتر ولا سحاب) كان يشير إِلَى شيء أعلى وهو هذا المخلوق - الشمس أو القمر - وهو في جهة العلو، فدل ذلك عَلَى علو الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى خلقه.
وإثبات علو الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من أعظم ما تدل عليه النصوص والفطر والعقول حتى أن الأدلة عَلَى العلو من القُرْآن والسنة وكلام السلف لا تعد بالمئات فقط، بل قد تكون بالآلاف فالعلو ثابت بالأدلة، وبالنصوص وبالعقول وبالفطر، وأما الاستواء فهو الذي ثبت بالنص فالنَّاس قبل إرسال النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتى العرب في الجاهلية وغيرهم أصحاب الفطرة كل من يؤمن بالله بفطرته يعلم أنه تَبَارَكَ وَتَعَالَى فوق المخلوقات ويثبت له العلو، لكن الاستواء لا يثبته له تَعَالَى إلا من قرأ وسمع الوحي ينزل عَلَى النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهذا لا يعلم بالعقل ولا بالفطرة وإنما يعلم عن طريق الوحي، وكلاهما يدل عَلَى الآخر.
مذاهب الناس في الرؤية والعلو.
ولما ذكر المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ موضوع الرؤي والعلو ناسب أن يذكر الفرقتين اللتين لهما كلام فيه، وهاتان الفرقتان هما: المعتزلة والأشعرية.