وهذه حقيقة ثابتة كما جَاءَ في هذه الآية التي استدل بها قال الله تَعَالَى عن الجن: يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ [الأحقاف:٣١] وذلك حينما صرف الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى النفر من الجن إِلَى النبي صلىالله عليه وسلم فسمعوه، كما تَحَدثت بذلك الآيات التي في آخر سورة الأحقاف، وذكر الإمامابن كثير -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- في تفسيره أحاديث كثيرة منها ما رواه البُخَارِيّ.
ومنها ما رواه مسلم.
ومنها ما رواه الإمام أَحْمَد من طرق عديدة تدل بمجموعها عَلَى أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسل إِلَى الجن، وأنه أتاه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ داعي الجن، وأنه ذهب إليهم ليلة كما جَاءَ في إحدى الروايات عن عبد الله بن مسعود رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ:(افتقدنا رَسُول الله صلىالله عليه وسلم ليلة وبحثنا عنه فلم نجده، فقلنا: استطير أو اغتيل فبتنا بشر ليلة، فلما جَاءَ الصباح جَاءَ رَسُول الله صلىالله عليه وسلم فقلنا: يا رَسُول الله! إنا افتقدناك البارحة، فقلنا: استطير أو اغتيل، وإنا بتنا بشر ليلة فقَالَ: أتاني داعي الجن فذهبت إليهم فعلمتهم) ، وفيه أن النبي صلىالله عليه وسلم علمهم في هذه الليلة ما أراد الله تَعَالَى أن يعلمهم من الأحكام، ومرة قبل ذلك، وهي التي رواها الإمام أَحْمَد عن عبد الله بن عباس رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ وهي المرة الأولى، كما يترجح ذلك بمجموع الروايات كَانَ النبي صلىالله عليه وسلم بعد فراغه من الطائف لا يعلم عن الجن شيئاً بل كَانَ يقرأ القُرْآن والجن يستمعون إليه.