تنبيه: قَالَ المُصْنِّفُ [قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (من قَالَ: إني خير من يونس بن متى فقد كذب) ، فإنه لو قدر أنه كَانَ أفضل، فهذا الكلام يصبح نقصاً، فيكون كاذباً!!
وهذا لا يقوله نبي كريم، بل هو تقدير مطلق، وكما مر بنا أنا نفضل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جميع الأَنْبِيَاء كما ثبت ذلك، لكنه هو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقل أو غيره من الأنبياء: إني أفضل من فلان من الأنبياء، لأنهم متأدبون صلوات الله وسلامه عليهم، ومثلما نهانا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن لا يفخر بعضنا عَلَى بعض، فإن الأَنْبِيَاء صلوات الله وسلامه عليهم لا يفخر بعضهم عَلَى بعض، مع أن التفضيل بين المؤمنين حاصل، والتفضيل بين الأَنْبِيَاء حاصل، وهذا هو المراد بهذه العبارة، والله أعلم.
قال الإمام الطّّحاويّ رَحِمَهُ اللهُ:
[وكُلُّ دعوى النبوة بعده فغيٌّ وهوى] .
قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ:
[لَمّا ثَبَتَ أنه خاتمُ النبيين، عُلِمَ أن مَنِ ادَّعَى بعدَه النبوةَ فهو كاذبٌ، ولا يُقَالَ: فلو جَاءَ المدعي للنبوة بالمعجزات الخارقة والبراهين الصادقة، كيف يُقال بتكذيبه؟ لأنا نقولُ: هذا لا يتصور أن يوجد، وهو من باب فرض المحال؛ لأنَّ الله تَعَالَى لمَّا أخبرَ أنهُ خاتمُ النبيين، فَمِنَ المُحال؛ أن يأتي مُدّعٍ يدَّعي النبوة ولا تَظْهَرُ أمارةُ كذبه في دعواه.
والغيُّ: ضدُّ الرشاد، والهوى: عبارة عن شهوة النفس، أي: أن تلك الدعوة بسبب هوى النفس، لا عن دليلٍ، فتكون باطلة] اهـ.
الشرح:
هذه الفقرة تكميل لما تقدم من فقرات تتعلق بإثبات أن النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو خاتم الأَنْبِيَاء والمرسلين، وقد تقدم شيء من ذلك، وتحدثنا عن بعض الفرق المخالفة في ذلك كالقاديانية والبهائية، كما أشرنا إِلَى غيرها من الفرق الضالة، وهذه الفقرة تكميل لما سبق.