أما قوله: سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:٨٧] يذكر المُصْنِّف أن هذه العبارة يقولها كل عباد الله، قالها آدم عَلَيْهِ السَّلام: قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الأعراف:٢٣] معنى قوله ربنا ظلمنا أنفسنا، أي: إقرار منهما بالظلم، وأيضاً قد قالها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في حديث الاستفتاح (أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي واعترفت بذنبي) .
وقالها موسى عَلَيْهِ السَّلام: رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي [القصص:١٦] ، ويقول المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ إن الفخر محرم ومنهي عنه، ولا ينبغي للفاضل أن يفتخر عَلَى المفضول، فإذا كَانَ كذلك فمن باب أولى أن لا يفتخر المفضول عَلَى الفاضل!
وكيف يكون لأحدٍ من النَّاس كائناً من كَانَ في عبادته أو في ولايته أن يقول: إنه أفضل من يونس بن متى؟!
وقد تستغربون وتقولون: وهل يوجد أحد يقول: إنه أفضل من نبي من الأَنْبِيَاء؟!
نقول: نعم، هناك كثير من فرق وطوائف الصوفية يرون أن الولي أفضل من النبي فما بالكم بنبي الله يونس عَلَيْهِ السَّلام الذي ليس من أولي العزم! والذي ذكر الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عنه هذا الفعل ولامه عليه وقَالَ: وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ [القلم:٤٨] يكون عندهم أقل بكثير جداً.
والخلاصة: أن الأرجح في معنى قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (من قال إني خير من يونس بن متى فقد كذب) أنه ليس معناه من قَالَ: إن محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفضل من يونس بن متى فقد كذب، لكن من قَالَ: أنا، أي: من قال عن نفسه ذلك: ويأتي هنا إشكال كما ذكر المُصْنِّف أخيراً وهو لو أن نبياً قال ذلك!!