ختم المصنف -رحمه الله- مسألة القدر ببحث لقضية القائلين بأن الإنسان إذا شهد مقام الحقيقة الكونية -كما يزعمون- يوافق المشيئة، ويعتبر أن كل أعماله التي تجري وتصدر منه على وفق رضى الله وشرعه وإرادته نظراً لجريانها وفق مشيئته وإرادته الكونية، ورد عليهم المصنف رحمه الله بقوله: إن هؤلاء أعمى الخلق وأجهلهم بالله وأحكامه الدينية والكونية، فلو أن الأمر هو موافقة القدر والمشيئة، وليس موافقة الأمر الديني من الأمر والنهي لكان قوم نوح وهود وصالح وفرعون وقوم لوط وشعيب كلهم طائعون لله عز وجل لأنهم لم يخرجوا فيما ارتكبوا من ذنوب وقبائح وما واجهوا به أنبياءهم عن مشيئة الله وقضائه وقدره، فإذا كان كل ما قدره الله تعالى مرضياً له محبوباً عنده وغاية ما يريده من الخلق أن يوافقوا قدره الكوني، فإن هؤلاء من أرضى الناس وأعلمهم.
لا شك أن هناك فارقاً دقيقاً وحاجزاً بين أولياء الرحمان وأولياء الشيطان، وإنما تختلف الأفهام والأنظار إلى الأمر الواحد، ويترتب على ذلك اختلاف الأعمال.