وأخرجه من وجه آخر عن سهل عن أبي كعب مرفوعا، ولهذه الأحاديث وصحتها جزم الإمام مالك في العتيبة بأن الذي أسس على التقوى مسجد المدينة. وقال ابن رشد في شرحها: أنه الصحيح، قال الحافظ: والحق أن كلا منهما أسس على التقوى، وقوله تعالى في بقية {يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} ، الآية يؤيد كون المراد مسجد قباء، وعند أبي داود بإسناد صحيح عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: نزلت رجال يحبون أن يتطهروا في أهل قباء، وعلى هذا فالسر في جوابه -صلى الله عليه وسلم- بأن المسجد الذي أسس على التقوى مسجده رفع توهم أن ذلك خاص بمسجد قباء، قال الداودي وغيره: ليس هذا اختلافا؛ لأن كلامهما أسس على التقوى، وكذا قال السهيلي وزاد غيره: أن قوله من أول يوم يقتضي مسجد قباء؛ لأن تأسيسه في أول يوم حل النبي -صلى الله عليه وسلم- بدار الهجرة، انتهى. "وهو" في التحقيق، كما قال الحافظ: "أول مسجد بني في الإسلام وأول مسجد صلى فيه عليه السلام بأصحابه جماعة ظاهرا، وأول مسجد بني لجماعة المسلمين عامة، وإن كان تقدم بناء غيره من المساجد" كبناء أبي بكر بفناء داره، "لكن لخصوص الذي بناه" فلا يعادل هذا، وقد روى الترمذي عن أسيد بن ظهير عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الصلاة في مسجد قباء ركعتين أحب إليَّ من أن آتي بيت المقدس مرتين، لو يعلمون ما في قباء لضربوا إليه أكباد الإبل". وأخرج الشيخان عن ابن عمر: كان -صلى الله عليه وسلم- يزور قباء أو يأتي قباء راكبا أو ماشيا، وأخرجا عنه أيضا رفعه: "من صلى فيه كان كعدل عمرة". روى ابن ماجه عن سهل بن حنيف رفعه: "من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة، كان كأجر عمرة". وأخرج مالك وأحمد والبخاري والنسائي والحاكم عن ابن عمر: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأتي مسجد قباء كل سبت راكبا أو