ففي الحديث: "أمسك أربعًا وفارق سائرهن": أي: باقيهن، والاشتقاق فإنه من السؤر فلا يصح كونه بمعنى الجميع، وقال الصغاني: سائر الناس: باقيهم، وليس معناه جميعهم، كما زعم من قصر في اللغة باعه، وجعله بمعنى الجميع من لفظ العوام، انتهى. ولكن انتصر للجوهري والجماعة قوم بأنه سمع من الصحفاء؛ كقوله: ألزم العالمون حبك طرا ... فهو فرض في سائر الأديان وقول عنترة: إني امرؤ من خير عبس منصبا ... شطري وأحمي سائري بلمنصل وقول ذي الرمة: معرسًا في بياض الصبح وقعته ... وسائر السير إلا ذلك السير واشتقاقه عندهم من اليسير، أي: يسير فيه هذا الاسم ويطلق عليه، لا البقية. "الأمية" المنسوبة إلى النبي الأمي -صلى الله عليه وسلم, "نعمته السابغة" الكثيرة التامة، وهو في الأصل صفة للدرع والثوب الطويل استعير من الطول والسعة لما ذكر، ثم صار حقيقة فيه لشيوعه، "وخير" بين الحياة والممات، "فاختار الرفيق الأعلى" أي: الجماعة من الأنبياء الذين يسكنون أعلى عليين، اسم جاء على فعيل كصديق وخليط، أو الله تعالى فإنه الرفيق بعباده، وعند مسلم مرفوعًا: "إن الله رفيق يحب الرفق". فهو فعل بمعنى فاعل، أو المراد حظيرة القدس، وعند النسائي وصححه ابن حبان، فقال -صلى الله عليه وسلم: "أسأل الله الرفيق الأسعد مع جبريل وميكائيل وإسرافيل" وظاهره: أن الرفيق: المكان الذي يحصل فيه المرافقة مع المذكورين. "وآثر الآخرة على الأولى" أي: الدنيا؛ لأنها أحق بالإيثار منها، كما قال بعض الأماجد: لو كانت الدنيا من ذهب يفنى، والآخرة من خزف يبقى، لآثر العاقل الباقي على الفاني، فكيف والنعيم السرمدي الذي لم يخطر على قلب بشر، إنما هو في الأخرى. "فنقله الله قائمًا على قدم السلامة" حسا ومعنى "إلى دار السلام" الجنة لسلام الله