فمضوا "فانتهى إليه خالد وقد خرج من حصنه في ليلة مقمرة إلى بقر يطاردها" أي يريد ذلك فعند ابن إسحاق وابن سعد، فخرج خالد حتى كان من حصنه بمنظر العين في ليلة مقمرة صائفة، وهو على سطح له ومعه امرأته الرباب بكسر الراء وموحدتين وقينة تقنيه، وقد شرب فباتت البقر تحك بقرونها باب الحصن، فقالت له امرأته: هل رأيت مثل هذا قط، قال: لا والله. قالت: فمن يترك هذه؟ قال: لا أحد، وعند ابن عائذ: والله ما رأيتها قط جاءتنا إلا البارحة، ولقد كنت أضمر لها الخيل اليومين والثلاثة، وفي لفظ شهر ولكن قدر الله ونزل، فأسرج له فرسه، وخرج "هو وأخوه حسان" في نفر من أهل بيته ومملوكين له، فتلقتهم الخيل "فشدت عليه خيل خالد فاستأسر أكيدر" ولم يقتله، كما أمره صلى الله عليه وسلم أعطى بيده ولم يقاتل، "وقتل أخاه حسانا" لأنه قاتل. قال إبن إسحاق: وقد كان عليه قباء من ديباج مخوص بالذهب، فاستلبه خالد، فبعث به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل قدومه فحدثني عاصم بن عمر، عن أنس رأيت قباء أكيدر دومة حين قدم به، فجعل المسلمون يلمسونه بأيديهم يتعجبون منه، فقال صلى الله عليه وسلم: "أتعجبون من هذا، فوالذي نفسي بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا" وحديثه الذي رواه، لا يدل لمدعاه إلا بتقدير مضاف، أي قباء أخي أكيدر. لكن، قد روى حديث أنس في البخاري في الهبة بلفظ أهدى أكيدر دومة الحديث والهداية غير السلب، فإن كان ما قاله محفوظا، وقد وافقه الواقدي، وذكر أن المرسل به عمرو بن أميلا الضمري حين أرسله بشيرا، فيكون هذا غير الذي أهداه بعد؛ لأن هذا سلب أخيه المقتول، وهو مأسور، فلا ينسب إليه أنه أهداه، ويكون التعجب وقع من كليهما، وقال المصطفى: ذلك في كل منهما والعلم عند الله. "وهرب من كان معهما" وهم النفر والملوكان، "فدخل الحصن" وأغلقوه، "ثم أجار خالد