قال الحافظ: وزعم بعضهم أنه مر ولم ينزل، ويرده تصريح ابن عمر بأنه، لما نزل الحجر أمرهم أن لا يشربوا "من مائها شيئا"؛ خوفا أن يورثهم شربه قسوة في قلوبهم، أو ضررا في أبدانهم. قاله المصنف: زاد ابن إسحاق "ولا تتوضئوا منه للصلاة، وما كان من عجين عجنتموه، فاعلفوا الإبل، ولا تأكلوا منه شيئا"، وكأن من زعم أنه لم ينزل به تمسك بما أخرجه البخاري عقب الترجمة عن ابن عمر لما مر صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: "لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم إلا أن تكونوا باكين" ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى جاز الوادي، وغفل عما أخرجه في أحاديث الأنبياء عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الحجر في غزوة تبوك أمرهم أن لا يشربوا من بئرها، ولا يستقوا منها، فقالوا: قد عجنا منها واستقينا، فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين، ويهريقوا ذلك الماء، وأخرج الشيخان عن ابن عمر أن الناس نزلوا معه صلى الله عليه وسلم أرض ثمود الحجر، فاستقوا من بئرها واعتجنوا به، فأمرهم أن يهريقوا ما استقوا من بئرها، وأن يعلفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة، وروى أحمد والحاكم بإسناد جيد عن جابر قال: لما مر صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: " لا تسالوا الآيات فقد سالها قوم صالح" وكانت الناقة ترد هذا الفج، وتصدر من هذا الفج، فعتوا عن أمر ربهم، وكانت تشرب يوما ويشربون لبنها يوما، فعقروها، فأخذتهم صيحة أهمد الله من تحت أديم السماء منهم إلا رجلا واحدا كان في حرم الله، وهو أبو رغال، فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه، قال الحافظ: سئل شيخنا البلقيني من أين علمت بئر الناقة، فقال: بالتواتر إذ لا يشترط فيه الإسلام، انتهى. والذي يظهر أنه صلى الله عليه وسلم علمها بالوحي، ويحمل كلام الشيخ على من سيجيء بعده، وفيه كراهة الاستقاء من آبار ثمود، ويلحق بها نظائرها من الآبار والعيون التي كانت لمن هلك بعذاب الله على