قال المصنف وغيره: ويؤيده أن هارون المشبه به لم يكن خليفة بعد موسى، لوفاته قبله بنحو أربعين سنة انتهى. ومر في أحد قولي البيضاوي: الأكثر أن موسى مات قبله بسنة، وقول النور: بنحو خمسة أشهر، "وهو" أي كونه خلفه على المدينة وعلى عياله معا ظاهر ما في الصحيحين البخاري هنا، وفي المناقب ومسلم في الفضائل، والنسائي وابن ماجه كلهم "من حديث سعد بن أبي وقاص" ولفظه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى تبوك واستخلف عليًّا فقال: اتخلفني في الصبيان والنساء قال: "ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي". زاد أحمد فقال علي: رَضيت ثم رضيت، فقوله: استخلف عليًّا ظاهر في أنه على المدينة، وتأيد هذا الظاهر بورود هذه اللفظة في نفس حديث سعد في مصنف عبد الرزاق، والروايات يفسر بعضها بعضا، لا سيما والمخرج متحد، ومن ثم جزم الحافظ العراقي الذي "انتهى". كلامه بعزوه لهما استخلافه على المدينة، "ورجحه" الإمام الحافظ "ابن عبد البر" وتبعه الحافظ ابن دحية، وقطع به المصنف في شرح البخاري؛ لأن ما في أرفع الصحيح لا معدل عنه، وأما الدمياطي فقد مر عنه أنه كان لما ألف السيرة سيريًا محضًا، يتبعهم ولو خالف الأحاديث الصحيحة، فتبع هنا الواقدي في ترجيحه، ثم العجب من الشارح أخذ ترجمة الشامي من استخلفه على أهله، ومن استخلفه على المدينة، وأتى بصدر كلامه فقط، وزعم أنه ظاهر حديث البخاري. وقضى على المصنف بالتسمح، فإنه خلفه على أهله لكن لقربه منه وعظم أمره