بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الْمُرَادُ بِالْكِتَابِ الْمَكْتُوبُ، فَلَمَّا كَانَ الْمَكْتُوبُ يَنْطَوِي بِانْطِوَاءِ الصَّحِيفَةِ جَعَلَ السِّجِلُّ كَأَنَّهُ يَطْوِي الْكِتَابَ.
ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَقَالَ: {كَمَا بَدَأْنَا أول خلق نعيده} وَفِي مَعْنَاهُ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا كَمَا بَدَأْنَاهُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلا، كَذَلِكَ نُعِيدُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بِسَنَدِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّكُمْ تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلا كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كنا فاعلين ".
أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ.
وَالْغُرْلُ: الْقُلْفُ، يُقَالُ هُوَ أَقْلَفُ وَأَغْرَلُ وَأَغْلَفُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
وَفِي بَعْضِ الأَحَادِيثِ بُهْمًا، وَمَعْنَاهُ: سَالِمِينَ مِنْ عَاهَاتِ الدُّنْيَا وَآفَاتِهَا لا جُذَامَ بِهِمْ وَلا بَرَصَ وَلا عَمَى وَلا غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْبَلايَا لَكِنَّهُمْ يُحْشَرُونَ بِأَجْسَادٍ مُصَحَّحَةٍ لِخُلُودِ الأَبَدِ، إِمَّا فِي الْجَنَّةِ وَإِمَّا فِي النَّارِ، وَالْبُهْمُ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: أَسْوَدُ بَهِيمٌ وَكُمَيْتٌ بَهِيمٌ وَأَشْقَرُ بَهِيمٌ: إِذَا كَانَ لا يُخَالِطُ لَوْنَهُ لَوْنٌ آخَرُ، فَكَذَلِكَ هَؤُلاءِ يُبْعَثُونَ مُعَافِينَ عَافِيَةً لا يُخَالِطُهَا سُقْمٌ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْمَعْنَى: أَنَّا نُهْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ كَمَا كَانَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، رَوَاهُ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ السَّمَاءَ تُمْطِرُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا كَمَنِيِّ الرِّجَالِ فَيَنْبُتُونَ بِالْمَطَرِ فِي قُبُورِهِمْ كَمَا يَنْبُتُونَ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ. رَوَاهُ أَبُو صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ أَنَّ الْمَعْنَى: قُدْرَتُنَا عَلَى الإِعَادَةِ كَقُدْرَتِنَا عَلَى الابْتِدَاءِ. قَالَهُ الزَّجَّاجُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute