للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

البصري الذي وصف به إنما هو من قبيل الإرسال الخفي، وهو رواية المعاصر عمن لم يلقه ولم يسمع منه بصيغة موهمة، وهذا النوع من التدليس لا ترد عنعنته طالما ثبت سماعه من شيخه ولو مرة، وقد دل على هذا المعنى قولُ ابن المديني بعد حديث: "ابني هذا سيد"، قال: "إنما ثبت لنا سماع الحسن من أبي بكرة بهذا الحديث"، يعني: أنه قد احتج ببقية أحاديثه التي يرويها الحسن عن أبي بكرة، وإن لم يصرح فيها بالسماع، وذلك لثبوت السماع في هذا الحديث، والله أعلم، وعلى هذا فنحن لسنا بحاجة إلى إثبات السماع في هذا الحديث بعينه، طالما أن الحسن يرويه عن أبي بكرة بلا واسطة، وإن كان قد روي السماع من وجهٍ صحيح، كما سبق بيانه قبل قليل [الحديث رقم (٦٨٣)].

وعلى فرض صحة كلام الدارقطني: "لم يسمع الحسن من أبي بكرة"، الذي علله بأن الحسن لا يروي إلا عن الأحنف عن أبي بكرة [انظر: علل الدارقطني (٧/ ١٥٣)، التتبع (٨٨ - ٩١) فيقال: إذا علمنا الواسطة وكان ثقة، فقد صح الإسناد والحمد لله، والأحنف بن قيس: مخضرم ثقة، وعليه يحمل أيضًا قول ابن معين: "لم يسمع الحسن من أبي بكرة" [تاريخ الدوري (٤/ ٣٢٢/ ٤٥٩٧) لكنا نقول بأن سماع الحسن من أبي بكرة: ثابت صحيح، أثبته: بهز بن أسد، وعلي بن المديني، والبخاري، والبيهقي، وقد تبع الترمذي شيخه البخاري في ذلك، فصحح أحاديث للحسن عن أبي بكرة، مما يدل على اعتماده قول البخاري في إثبات السماع، ومن ثم فإن مع المثبت زيادة علم، فقوله مقدَّم على النافي [انظر: صحيح البخاري (٢٧٠٤)، التاريخ الأوسط (١/ ٩٦)، التاريخ الكبير (٢/ ٥٦)، العلل لابن المديني (٦٠)، جامع الترمذي (٢٢٦٢ و ٢٢٨٧ و ٣٧٧٣)، المراسيل (١٥٢)، معرفة السنن والآثار (٣/ ١٧/ ١٨٤٤)، التعديل والتجريح للباجي (١/ ٣٠٣) و (٢/ ٤٨٦)، تحفة التحصيل (٦٨)، جامع التحصيل (١٣٥)، نصب الراية (١/ ٩٠)، هدي الساري (٣٦٧)، فتح الباري (١٣/ ٦٥)].

وهذه المسألة سبق تحقيق الكلام فيها عند الحديث رقم (٢٧) فلتراجع، كما سبق الكلام على هذا الإسناد بعينه عند الحديث المتقدم برقم (٢٣٣ و ٢٣٤)، وقد نقلت هنا بعض ما قلته هناك للفائدة.

وعلى هذا فإن هذا الإسناد: إسناد بصري صحيح، رجاله أئمة ثقات، ثبت سماع بعضهم من بعض.

وقد صححه البخاري، وابن حبان، والبغوي، وحسن إسناده الشافعي في اختلاف الحديث (١٠/ ١٧٢/ ١٩٠ - الأم)، واحتج به أبو داود والنسائي.

• ولحديث أبي بكرة طرق أخرى:

١ - روى بشار الخياط [قال ابن رجب: "وهو غير معروف"، وقال الحسيني في الإكمال: "لا أعرفه"، لكن ذهب ابن حجر إلى أنه بشار بن عبد الملك؛ الذي ضعفه ابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات، والظاهر أنه غيره، والله أعلم. الفتح لابن رجب

<<  <  ج: ص:  >  >>