للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالوا: نعمْ، رواهُ فلانٌ، وحدّثنَاهُ فلانٌ، ونعرفُهُ منْ طريقِ كَذا، وخَاضُوا في الطرقِ والرواياتِ، فقالتِ المرأةُ: فأينَ كنتمْ إلى الآن)) (١).

ومنها مما يحثُّ عَلى الاجتهادِ في ضمِّ الدّينِ إلى ذلكَ:

وقالَ سعيدُ بنُ وهبٍ يَذكرُ مالكَ بنَ أنسٍ:

يأبَى الجوابَ فما يُراجَعُ هَيْبَةً ... والسَّائلونَ نَواكِسُ الأَذقانِ

هدْيُ التقيِّ وعِزُّ سلطانِ الهدى ... فَهو العزِيزُ ولَيسَ ذا سُلْطانِ (٢)

قوله: (حِفْظَاً أوْ تَفَهُّماً) (٣) لا يخفى أنّ مجردَ الحفظِ لا يكفي.

فالمرادُ حفظاً معَ تَفَهُّمٍ، وهوَ أعلى الدرجاتِ، أوْ تفهّماً منْ غيرِ حفظٍ وهوَ دونَهُ في الدرجةِ.

فالعبارةُ منَ الاحتباكِ: إثباتُ ((حفظاً)) أولاً دليلٌ عَلى حذفِ ضده ثانياً، وإثباتُ ((تفهماً)) ثانياً دليلٌ عَلى حذفِ ((معَ تفهّمٍ)) أولاً، بدليلِ تعليلِهِ لذلك بقولهِ: ((لِيَعرِفَ مُصْطَلحَ أهْلِهِ)) (٤)، ومَن لا فهمَ لَهُ لا معرفةَ لَهُ وإنْ حفظَ ألفَ كتابٍ.


(١) هذه القصة أخرجها الرامهرمزي في " المحدّث الفاصل ": ٢٤٩ - ٢٥٠ (١٥٧) وفي الإسناد ضعف. عقب محقق كتاب " المحدّث الفاصل " في الحاشية فقال: ((في سند هذا الخبر رجل مجهول، وإن رجح الرامهرمزي أنه يوسف بن الصاد، ولكن لم نعثر له على ترجمة، فالخبر ضعيف، ولو سلمنا جدلاً بكونه ثقة، وأن الخبر صحيح فيرجح أن المرأة سألتهم وهم صغار في أول طلبهم العلم ولا يرد علينا بأن أبا ثور قد أجابها وهو من طبقتهم؛ ذلك لأن أبا ثور أسن منهم، ثم إنه كان ملازماً للشافعي ويتفقه به، ومثل هذه المسائل يمكن أن يتلقاها طلاب الفقه في أول طلبهم له، ولا يمكن حمل هذا الخبر على غير ذلك؛ لأن جلالة ابن معين، وأبي خيثمة في العلم تتنافى مع حمل هذا الخبر على غير هذين الوجهين ... )).
(٢) ذكره الرامهرمزي في " المحدّث الفاصل ": ٢٤٧ (١٥٥).
وذكره الجاحظ في " كتاب الحيوان ": ١٥٦٦ ونسبه إلى ابن الخياط.
(٣) شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ٥١.
(٤) شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>