للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يبق لهم ما يتجهَّزون به، فأسلفهم أبو خالد ذكوان عشرة آلاف، فتجهَّزوا بها (١).

قال عليُّ بن الحسين : لما أُخرجنا من الكوفة لنُحمل إلى يزيد غَصَّت طريقُ الكوفة بالناس يبكون، فذهب عامَّةُ الليل وما يقدرون أن يجوزوا بنا لكثرة الناس، فقلت: هؤلاء قتلونا ويبكون علينا (٢)!

وقال أبو مِخْنَف: نصبَ ابن زياد رأسَ الحسين بالكوفة، ثم داروا به. ثم دعا زَخر بنَ قيس الجعفي، فسرَّح معه رأسَ الحسين ورؤوسَ أصحابه، وضمَّ إلى زَحْر أبا بُرْدة بن عوف الأزدي، وطارق بنَ أبي ظَبْيان (٣).

قال الغاز بن ربيعة الجَرَشي الحِميري: بينا أنا عند يزيد بن معاوية بدمشق؛ إذ قيل له: زَحْر بن قيس على الباب. فاستوى جالسًا مذعورًا وكان في بَهْوٍ له، وأذن له، فدخل في الحال، فقال له: ويلك! ما وراءك؟ فقال: أبْشِر بالفتح والنصر؛ وردَ علينا الحسين في ثمانية عشرَ من أهل بيته وستين من شيعته، فسِرنا إليهم، فسألناهم النزول على حكم الأمير عُبيد الله بن زياد، أو القتال، فاختاروا القتال على الاستسلام، فعدَونا عليهم مع شروق الشمس، فأحَطْنا بهم من كلّ ناحية، حتى إذا أخذت السيوفُ مأخَذَها من هام القوم؛ جعلوا يهربون إلى غير وَزَر (٤)، ويلوذُون منَّا بالآكام والحُفَر لِواذًا، كما لاذَ الحمائم من صقر. فواللهِ ما كان إلا جَزْرَ جَزُور، أو نَوْمة قائل، حتى أتينا على آخرهم، فهاتيك أجسادُهم مجرَّدة، وثيابُهم مُرمَّلة، وخدودُهم مُعَفَّرة، تصهرُهم الشمس، وتسفي عليهم الرياح، وزُوَّارهم (٥) العِقْبان والرَّخَم، وهم صَرعَى بالفلاة.


(١) طبقات ابن سعد ٦/ ٤٤٧.
(٢) المصدر السابق ٦/ ٤٥٣. ومن قوله: ولا دخل عبيد الله القصر ودخل الناس ص ١٥٣ إلى هذا الموضع ليس في (م).
(٣) تاريخ الطبري ٥/ ٤٥٩.
(٤) أي: ملجأ.
(٥) في (ب) و (خ): زاروهم، وفي "طبقات ابن سعد" ٦/ ٤٤٧: زوّاهم. والمثبت من "تاريخ الطبري" ٥/ ٤٦٠.