للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال القاسم بن أصبغ المجاشعي: لما أُتي بالرؤوس إلى الكوفة رأيتُ فارسًا من أحسن الناس، وقد علَّق في لَبانِ فرسه (١) رأسَ غلام أمرد، كأنه القمرُ ليلةَ البدر، والفرس يمرح، فإذا طأطأ رأسه لحقَ بالأرض، فحزن الناس عليه، فسألتُ عن الرجل، فقيل: هذا حرملة بن الكاهن الأسدي، وهذا رأس العبَّاس بن علي بن أبي طالب، فأقمتُ أيامًا، ثم لَقِيتُ حرملة هاذا وجهُه أسودُ من القار، فقلت له: رأيتُك اليوم وما في العرب أقبحَ ولا أسودَ وجهًا منك! فبكى وقال: منذ حملتُ الرأس يأتيني كلَّ ليلة اثنان، فيأخذان بضَبْعيَّ (٢)، ثم ينتهيان بي إلى نار تأجَّج، فيدفعاني فيها وأنا أنكص عنها وهي تسفعني (٣)، فقد صار وجهي كما ترى.

وقد كان العبَّاس قال لإخوته من أبيه وأمِّه: تقدَّموا، فإن قُتلتُم ورثتكم، وإن قُتلتُ بعدَكم ورثني ولدي، وإن قُتلت قبلكم ورثكم محمد بن الحنفية، لأنهم لم يكن لهم ولد (٤).

قال المصنف : والعجبُ من العبَّاس إن ثبتَ ذلك عنه! أما كان له شُغل بما هم فيه من تلك الأحوال عن النظر في الميراث وغيره؟!

وقتلَ جعفرَ الأكبر بنَ علي بن أبي طالب هانئُ بنُ ثُبَيت (٥) الحضرمي، وقتل عثمانَ بنَ علي خَوْليُّ بنُ يزيد؛ رماه بسهم فقتله، وقتلَ عبدَ الله بنَ عليٌ رجل من بني دارم (٦)، وقُتِلَ العبَّاس بعدَهم، فهؤلاء الأربعة من أمّ البنين الكِلابية (٧).

وأما أبو بكر بن علي؛ فيقال: إنه قُتل في ساقيه. وأمُّه ليلى بنت مسعود (٨)، ومحمد بن علي الأصغر (٩)، قتله رجل من بني دارم.


(١) أي: صدر فرسه.
(٢) مثنى ضَبْع، وهو ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاها.
(٣) أي: تلفحني.
(٤) ينظر "طبقات ابن سعد" ٦/ ٤٤٢، و "تاريخ الطبري" ٥/ ٤٤٩، وسلف هذا الكلام قبل عدة صفحات.
(٥) في (ب) و (خ): قتيب. والمثبت من "طبقات ابن سعد" ٦/ ٤٤٢.
(٦) في "أنساب الأشراف" ٢/ ٤٩٨، و"طبقات ابن سعد" ٦/ ٤٤٢ أن الذي قتلَ عبدَ الله بنَ علي هو هانيءُ بنُ ثُبيت الحضرمي. ولم يذكر ابن كثير في "البداية والنهاية" ١١/ ٥٥١ عبد الله.
(٧) ينظر "تاريخ الطبري" ٥/ ٤٦٨.
(٨) ينظر "طبقات ابن سعد" ٦/ ٤٤٢، و "تاريخ الطبري" ٥/ ٤٦٨.
(٩) وأمُّه أمُّ ولد، كما في "نسب قريش" ص ٤٤، و "تاريخ الطبري" ٥/ ٤٦٨، وليس هو بمحمد بن الحنفية.