للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال عِمْرانُ بنُ حُصينٍ: رجلٌ طويلُ اليدين يُقالُ له: الخِرْبَاقُ. وممكنٌ أن يكونَ رجُلانِ أو ثلاثةٌ يُقالُ لكلِّ واحدٍ منهم: ذو اليَدَيْن، وذو الشِّمالينِ. ولكنَّ المقتولَ يومَ بدرٍ غيرُ الذي تكلَّم في حديثِ أبي هريرةَ إلى النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حينَ سَها فسلَّم من اثنتين، وهذا قولُ أهلِ الحِذْقِ والفهم من أهلِ الحديثِ والفقْهِ.

أخبَرنا عبدُ اللَّه بنُ محمّدٍ (١)، قال: حدَّثنا عبدُ الحميدِ بنُ أحمدَ الورَّاقُ، قال: حدَّثنا الخضرُ بنُ داودَ، قال: حدَّثنا أبو بكرٍ الأثرمُ، قال: سمِعتُ مُسدَّدًا (٢) يقولُ: الذي قُتِلَ يومَ بدرٍ إنما هو ذُو الشِّمالين بنُ عبدِ عمرٍ وحليفٌ لبني زُهرةَ، وهذا ذو اليَدَيْنِ رجلٌ من العربِ كان يكونُ بالباديةِ، فيَجيءُ فيُصلِّي مع النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وقال أبو بكرٍ الأثرمُ: حدَّثني سُليمانُ بنُ حربٍ، قال: حدَّثني حمادُ بنُ زيدٍ، قال: ذُكِرَ لأيوبَ البناءُ بعدَ الكلام، فقال: أليسَ قد تكلَّم النبيُّ عليه السلامُ يومَ ذي اليَدَيْنِ؟

قال أبو عُمر: فإن قال قائلٌ: إنَّ حديثَ ذي اليَدَيْنِ مُضطربٌ؛ لأنَّ ابنَ عمرَ وأبا هريرةَ يقولانِ: سلَّم من اثنَتينِ. وعمرانَ بنَ حُصينٍ يقولُ: من ثلاثِ ركعاتٍ. ومعاويةَ بنَ حُديج يقولُ: إنَّ المتكَلِّمَ طلحةُ بنُ عُبيدِ اللَّه؟ قيلَ له: ليس اختلافُهم في موضع السلام من الصلاةِ عندَ أحدٍ من أهلِ العلم بخلافٍ يَقدَحُ في حديثهم؛ لأنَّ المعنَى المرادَ من الحديثِ هو البناءُ بعدَ الكلام، ولا فرقَ عندَ أهلِ العلم بينَ المسلِّمِ من ثلاثٍ أو من اثنتينِ؛ لأنَّ كُلَّ واحدٍ منهما لم يُكمِلْ صلاتَه.

وأمَّا ما ذُكِرَ في حديثِ مُعاويةَ بنِ حُدَيْج من ذكرِ طلحةَ بنِ عُبيدِ اللَّه، فمُمكنٌ أن يكونَ أيضًا طلحةُ كلَّمَه وغيرُه، وليس في أن يُكلِّمَه طلحةُ وغيرُه ما


(١) هو ابن عبد المؤمن بن يحيى التُّجيبي، المعروف بابن الزيّات.
(٢) هو ابن مسرهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>