للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذكَر الخِرَقِيُّ (١) أنَّ مذهبَ أحمدَ بنِ حنبلٍ فيمن تكلَّم عامدًا أو ساهيًا بطَلَتْ صلاتُه، إلَّا الإمامَ خاصةً، فإنَّه إذا تكلَّمَ لمصلحةِ صلاتِه لم تَبطُلْ صلاتُه.

وأمَّا الأوزاعيُّ فمذهبُه جوازُ الكلام في الصلاةِ في كُلِّ ما يَحتاجُ إليه المصلِّي مما يُعذرُ فيه، قال الأوزاعِيُّ (٢): لو أنَّ رجلًا قال لإمام جهَر بالقراءةِ في العصرِ: إنَّها العصرُ. لم يكنْ عليه شيءٌ. قال: ولو نظَر إلى غُلام يريدُ أن يَسقُطَ في بئرٍ فصاحَ به، أو انصرَف إليه، أو جبَذه، لم يَكُنْ بذلك بأس.

وأمَّا الشافعيُّ فقال (٣): لا يَشُكُّ مُسلم أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يَنصرِفْ إلَّا وهو يرَى أنْ قد أكمَل الصلاةَ، وظنَّ ذُو اليدين أنَّ الصلاةَ قد قَصُرَتْ بحادثٍ من اللَّه، ولم يَقبَلْ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من ذي اليَدَينِ إذْ سألَ غيرَه، ولمَّا سألَ غيرَه، احتمَلَ أن يكونَ سألَ مَن لم يسمعْ كلامَه، فيكونون مثلَه -يعني مثلَ ذي اليدين- واحتمَل أن يكونَ سألَ مَن سمِع كلامَه ولم يَسمع النبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حينَ ردَّ عليه، فلمَّا لم يَسمع النبيَّ عليه السلام ردَّ عليه (٤)، كان في معنَى ذي اليَدَينِ؛ من أنَّه لم يدْرِ أقَصرَتِ الصلاةُ أم نسِيَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فأجابَه ومعنَاه معنَى ذي اليدين، مع أنَّ الفرضَ عليهم جوابُه، ألا ترَى أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لمَّا أخبَرُوه فقبِل قولَهم لم يَتكلَّمْ ولم يَتكلَّموا حتى بنَوْا على صلاتِهم؟


(١) كما في المغني لابن قدامة ٢/ ٣٨، والشرح الكبير لعبد الرحمن بن محمد بن قدامة ١/ ٦٧٥، وشرح الزركشي على مختصر الخرقيّ ٢/ ٢٥.
(٢) كما في الأوسط لابن المنذر ٣/ ٤١٥، والمغني لابن قدامة ٢/ ٣٩.
(٣) في الأمّ ١/ ١٤٩.
(٤) في الأصل: "من ردّ عليه"، وما أثبتناه من بقية النسخ، وهو الذي في "الأمّ" للشافعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>